Page 158 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 158

‫العـدد ‪27‬‬                             ‫‪156‬‬

                                 ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬                        ‫الأولى إلى المستوى التجاري‬
                                                                    ‫والاقتصادي‪ ،‬بعد أن كان‬
 ‫وأحمد عرابي وفكرة مقاومة‬         ‫نهاية عام ‪2015‬م ومع حملة‬            ‫في فترة التسعينيات قد‬
  ‫الاحتلال عمو ًما عبر التاريخ‬       ‫ترشيح ترامب الانتخابية‬
                                    ‫الأولى‪ ،‬ومشروعه للصفقة‬       ‫شهد محاولة للتطبيع الثقافي‬
           ‫المصري والعربي‪.‬‬                                           ‫ُرفضت بشدة وحزم من‬
          ‫وعن ارتباط خطاب‬           ‫ونقل عاصة «إسرائيل» إلى‬        ‫المصريين‪ ،‬وعموم المثقفين‬
  ‫الاستلاب للآخر الذي قدمه‬            ‫القدس‪ ،‬وذلك عن طريق‬            ‫وأغلبيتهم‪ ،‬قبل أن يفشل‬
   ‫زيدان بمتلازمات «المسألة‬                                          ‫مشروع الشرق أوسطية‬
  ‫الأوروبية» ومركزية تعاليها‬        ‫الأكاديمي المصري يوسف‬
‫وتأكيدها على «دونية» الذوات‬                          ‫زيدان‪.‬‬      ‫نفسه باغتيال إسحاق رابين‪.‬‬
‫الأخرى‪ ،‬يمكن القول إن زيدان‬                                               ‫وفي خضم كل هذه‬
   ‫وخطابه العلمي والإعلامي‬          ‫حيث تواكبت حملة ترامب‬
‫كان بالفعل على أزمة مع الذات‬         ‫مع عدة متغيرات سياسية‬       ‫الضغوطات الأمريكية لتمرير‬
‫العربية‪ ،‬ويميل للخروج عليها‬      ‫مصرية بإزاحة نظام الإخوان‪،‬‬         ‫وتطبيع وجود «إسرائيل»‬
  ‫كلية ولا يميل إلى إصلاحها‪،‬‬      ‫وصعود المؤسسة العسكرية‬           ‫عربيًّا‪ ،‬ظل الرفض الشعبي‬
    ‫من هنا كانت تلك الظرفية‬      ‫قلب «دولة ما بعد الاستقلال»‬       ‫العربي والمصري عنوا ًنا لا‬
   ‫التاريخية مناسبة له ليقدم‬        ‫عن الاحتلال الأجنبي مرة‬
      ‫التمثل للخطاب الجديد‪.‬‬          ‫أخرى للواجهة‪ ،‬مع نجاح‬      ‫يتغير‪ ،‬خاصة في ظل سياسات‬
      ‫من هنا يمكننا أن نعطي‬                                      ‫القهر والهيمنة الأمريكية ضد‬
‫تعري ًفا عا ًّما لخطاب الاستلاب‬             ‫الرئيس السيسي‪.‬‬       ‫الشعوب العربية‪ ،‬عبر تفجير‬
  ‫عند يوسف زيدان ومن جاء‬              ‫في هذه الأثناء رأي قطاع‬     ‫تناقضات «مستودع الهوية»‬
     ‫بعده‪ ،‬بأنه‪« :‬ظهور حالة‬           ‫ما في المؤسسة الرسمية‬      ‫كما حدث في العراق‪ ،‬ولبنان‪،‬‬
   ‫الافتتان والترويج والدعوة‬     ‫المصرية احتمالية نجاح دونالد‬     ‫والصومال‪ ،‬وكل الدول التي‬
‫لبديل حضاري «آخر» يستلب‬             ‫ترامب‪ ،‬وتفتق ذهن أحدهم‬        ‫دخلتها أمريكا بشكل مباشر‬
  ‫«الذات» (العربية‪ /‬المصرية)‬      ‫‪-‬بالمؤسسة‪ -‬ليقترح مقاربة‬
   ‫عن إمكانية تحققها الخاص‬            ‫للتخفيف من أثر الصفقة‬                    ‫وغير مباشر‪.‬‬
   ‫في مشروع وسردية كبرى‬           ‫المتوقعة جماهير ًّيا‪ ،‬وضغوط‬   ‫ناهيك عن سياسات العنصرية‬
  ‫خاصة بها‪ ،‬ويبرر لانفصال‬        ‫بنودها على الإداراة السياسية‬
  ‫الذات العربية عن «مستودع‬            ‫الجديدة فيما بعد الموجة‬      ‫والقتل بدم بارد التي دأبت‬
  ‫هويتها» لصالح «آخر أعلى»‬                                        ‫الصهيونية و»إسرائيل» على‬
  ‫ومستودع هويته‪ ،‬يتمثل في‬               ‫الثورية في ‪ 30‬يونيو‪.‬‬     ‫ممارستها دون هوادة‪ ،‬والتي‬
     ‫مستواه الظاهر في الذات‬        ‫لذا تم الدفع بيوسف زيدان‬
 ‫الصهيونية وروايتها للصراع‬       ‫في نوفمبر من عام ‪2015‬م في‬           ‫تقوم على القتل والترويع‬
     ‫العربي‪ /‬الصهيوني‪ ،‬مع‬           ‫مجموعة من أشهر البرامج‬         ‫واحتلال المزيد من الأرض‬
     ‫إشارة مضمرة لـ»الآخر‬        ‫الحوارية التليفزيونية المصرية‬
    ‫الأعلى» المصدر المتمثل في‬                                          ‫وتهجير الفلسطينيين‪.‬‬
   ‫الذات الغربية‪ /‬الأوروبية‪،‬‬         ‫واسعة الانتشار‪ ،‬وبشكل‬             ‫‪ -2‬تحول التطبيع إلى‬
    ‫التي تعد الصهيونية تمثله‬       ‫متزامن ومكثف فيما يشكل‬          ‫مفهوم الاستلاب و»المسألة‬
    ‫الأقرب والمندوب عنه‪ ،‬مع‬         ‫«نم ًطا» لا يمكن تجاهله أو‬
   ‫الوضع في الاعتبار السياق‬      ‫إنكاره‪ ،‬ليصدم الناس بخطابه‬                      ‫الأوروبية»‬
    ‫الفلسفي الذي أدي لظهور‬                                             ‫الإطار المعرفي لخطاب‬
                                      ‫حول المسجد الأقصى في‬      ‫«الاستلاب للآخر» الصهيوني‬
                                 ‫القدس وأحقية اليهود في إقامة‬         ‫وإعادة إنتاج متلازمات‬
                                 ‫هيكلهم هناك‪ ،‬والادعاء بوجود‬         ‫«المسألة الأوروبية»‪ ،‬عن‬
                                                                ‫«نسخ» القيم الثقافية لأوروبا‬
                                    ‫المسجد الأقصى المبارك في‬            ‫وإلغائها لكل «الذوات‬
                                  ‫السعودية‪ ،‬ثم حملة التشويه‬     ‫الأخرى»‪ ،‬ظهر مبك ًرا للغاية في‬

                                      ‫التي طالت صلاح الدين‬
   153   154   155   156   157   158   159   160   161   162   163