Page 40 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 40
العـدد 26 38
فبراير ٢٠٢1
د.أيمن تعيلب*
«التخييل المنظومي البيني»
وشعرية السبيعينيات..
رفعت سلام أنموذ ًجا
نصوص رفعت سلام تقوم في الأساس على فكرة الحرية والتحرير والهدم
والبناء ،فهي تحرر فكرة العلاقات الخيالية من حدودها الجمالية المعتادة
في الموروث النقدي والبلاغي العربي القديم والحديث م ًعا ،ونقلها من حدها
الأدبي الخالص في البلاغة العربية القديمة والجديدة بوصفه ح ًّدا أحادي
المسار الجمالي والمعرفي مهما تعددت صوره وتفاعلاته ،إلى فضاءات
شعرية تشعبية تجريبية تقوم على فكرة (التحقيل التخييلي والمعرفى)،
أي جعل الخيال الشعري حقو ًل تخييلية ومعرفية باذخة من الترابطات
والتداخلات والمفارقات والتشعبات المنظومية البينية.
التأمل الميتافيزيقي والجدلي لدي عبد الصبور رفعت سلام أحد الرموز الشعرية المؤسسة
وحجازي ودنقل والسياب وأدونيس وشعراء مجلة
(شعر) وشعراء مجلة (الآداب) إلى شعرية اللانظام للمشهد الشعري العربي المعاصر إن لم يكن أعمقها
وأخصبها على الإطلاق ،لم ينسج على منوال سابق،
واللانسق التي تجسد تفسخات تراب الأرض
ومطبات تشعبات التواريخ ومفاجآت مسكوتات ارتهن لذاته الفريدة ولم يرتهن لأي صورة من
الشوارع وكواليس فوضي الحياة ،وكوابيس أسرار صور الآخر سوا ًء كان عربيًّا أو غربيًّا ،إنه يتكىء
الناس العاديين دون أن يفقد روعة الصورة ولا
حلاوة الإيقاع أو الوقوع في شكلانيات حداثية لا على روحه وجسده وخياله .لقد استطاع رفعت
تاريخية وقع فيها كثير من مجايليه ،ومن هنا كان سلام أن يكون صوته الأصيل ليبني مشروعه
الجمالي والمعرفي بعي ًدا عن عوالم من سبقوه :عبد
تميزه الرصين في المشهد الشعري المعاصر. الصبور وحجازي والسياب وأدونيس والبياتي
وتحت ه ّم خيبات وهزائم ووهمية الواقع العربي وأمل دنقل وغيرهم .وإن كان عبد الصبور قد
كانت الحاجة الجمالية ماسة إلى التجريب والمغامرة قال بأخرة من حياته الشعرية (كيف أجن؟ كي
من قبل جيل جمالي جديد يكون قاد ًرا على خلق أفق ألمس نبض الكون المختل) .ومضى ولم يلمسه هو
جمالي مغاير في الشعر والنظر النقدي م ًعا ،ومن وزملاؤه ،فإن رفعت سلام قد قارب هذا الجنون
هنا انبثقت تجربة جماعة (إضاءة )77و(أصوات) التشكيلي التجريبي الجديد كي يلمس نبض الكون
الشعرية ،التي أسسها مجموعة من الشعراء الجدد المختل .لقد نقل رفعت سلام ومجايلوه الشعرية
العربية من تجربة الانتظام والنظام القائمة على