Page 151 - مسيلة للدموع
P. 151

‫كانت حورية عائدة من الكلية في يوم حافل بالأحداث والتظاه ارت‪ ،‬حيث تستكمل الإج ارءات اللازمة؛ كي‬
       ‫يتمكن آسر من أداء الاختبا ارت‪ ،‬مع علمها بالاحتمالية الكبيرة بعدم سماح السجن لآسر أن يؤدي‬

                                                                                                ‫اختبا ارته‪.‬‬

       ‫كانت قوات الأمن قد اعتادت على اقتحام الحرم الجامعي دون م ارعاة لأي ُحرمة‪ ،‬فاعتدت على الطلاب‬
       ‫بمساعدة أف ارد من البلطجية كانت تستأجرهم‪ُ ،‬قتل من ُقتل‪ ،‬وأُصيب من أُصيب‪ ،‬واعتُِقل من اعتُِقل‪ ،‬ومر‬

           ‫اليوم الد ارسي بغير سلام‪ ،‬تلّوث العلم بلون دخان الغاز‪ ،‬وسالت الدماء على حروف الأحلام ودفاترها‪.‬‬
                                                          ‫فلتذهب إلى الجامعة‪ ،‬وتترك خلفك ُحلما ووصّية‪..‬‬
                                                                        ‫ُحلما لعلك تتعلم ثم تنجح وتتخّرج‪..‬‬
                                                                                      ‫ووصية لعلك تموت!‬

       ‫تجاوزت حورية البوابة الرئيسية للجامعة‪ ،‬وما إن خطت أول خطواتها حتى وجدت مدرعة للجيش‪ ،‬وبعض‬
       ‫جنود الأمن المركزي بملابسهم السوداء وأسلحتهم العالقة بها‪ ،‬يرتدي كل منهم فوق أرسه خوذة‪ ،‬وبين‬

                                                       ‫أيديهم أحد الطلاب ال ُعَّزل ينهالون عليه ضربا وسحلا‪.‬‬
       ‫ركلات وضربات بكعوب البنادق‪ ،‬وقد استحال لون ملابسه كله للأحمر‪ ،‬وفقد أي مقاومة‪ ،‬حتى أنهم لو‬

                    ‫تركوه لن يستطيع الف ارر بل سُيطرح أرضا‪،‬ولن يقوم بعدها إلا على سّنادات سيارة الإسعاف‪.‬‬
       ‫نظرت حورية إلى الماّرة‪ ،‬الجميع يتجاهلون‪ ،‬يتحاشون النظر؛ حتى لا يلمح العساكر نظرة شفقة في عين ّي‬

                                                                                   ‫أحدهم فيصيبونه بأذى‪.‬‬

       ‫الكل يسير وكأن المشاهد من حولهم تمثيلا‪ ،‬ولو كانوا يشاهدون ذلك المشهد في أحد الأفلام السينمائية أو‬
                                          ‫المسلسلات الد ارمية ل أريتهم يتأثرون‪ ،‬وتذرف أعينهم دموعها بسخاء‪.‬‬

‫‪151‬‬

                                                                                             ‫مسيلة للدموع‬
   146   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156