Page 152 - مسيلة للدموع
P. 152

‫تحركت حورية نحو الفتى لتنتزعه من أيديهم‪ ،‬لم تفكر في قوتها غير المتكافئة تماما مع قوتهم‪ ،‬دفعها‬
       ‫شعورها الداخلي لنصرة الضعيف‪ ،‬دون التفكير في أي شيء آخر؛ فالجميع يشاهدون ولا يتحركون‪ ،‬تُنكر‬
       ‫على الجميع صمتهم‪ ،‬تبكي نخوتهم‪ ،‬تتساءل أين ذهبت المروءة؟ أتمر بجانب ذلك المشهد وكأنها لم تَر‬

                                               ‫شيئا مثلما فعل الجميع؟ لكنها لم تفعل ذلك‪ ،‬ولم تكن كالجميع‪.‬‬
        ‫حّركتها قدماها حتى انغمست بين العساكر‪ ،‬وظّلت تصرخ فيهم أن يكّفوا‪ ،‬تتصدى لهم بيدها الصغيرة؛‬

          ‫لعّلها توقظ فيهم أي معنى من معاني النخوة‪ ،‬أو لعّلهم يتوقفون؛ م ارعاة ل ُحرمتها كفتاة‪ ،‬لكنهم لم يفعلوا‪.‬‬
       ‫لن تكف حورية ومن مثلها عن التعويل على بذرة الخير التي توجد في البشر جميعهم‪ ،‬حتى الأش ارر‬
       ‫منهم‪ ،‬لع ّل تلك البذرة تصحو‪ ،‬لعّلها تنبت‪ ،‬لعّلها تهزم الشر الذي بداخلهم ولو لمرة‪ ،‬لكن ظّنها لم يكن في‬
       ‫محّله‪ ،‬استمر أف ارد الأمن في ضرب الفتى‪ ،‬وكان لها نصيب من تلك الضربات‪ ،‬أخذها أحدهم‪ ،‬وأدخلها‬
       ‫إحدى سيا ارت الشرطة؛ ليعتقلوها‪ ،‬دفعها للداخل‪ ،‬سقطت حقيبتها على الأرض‪ ،‬وانفرط ما بداخلها‪ ،‬كانت‬
       ‫بها عروستها الصغيرة التي صنعها آسر‪ ،‬صرخت في العسكري أن يحضرها‪ ،‬ولكن تحركت السيارة‪ ،‬وآخر‬

              ‫مشهد أرته حورية قبل أن تغادر هي حقيبتها المنفرطة على الأرض‪ ،‬وعروستها المعّفرة في الت ارب‪.‬‬

‫‪152‬‬

                                                                                             ‫مسيلة للدموع‬
   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157