Page 153 - مسيلة للدموع
P. 153
اصطف المعتقلون في قفص الاتهام؛ استعدادا لجلسة النطق بالحكم .قفص الاتهام الذي يجمعهم سويا
بعدما فّرقتهم الزنازين الانف اردية ،فلا أحد منهم يعلم عن الآخرين شيئا ،قفص الاتهام هو الفرصة الوحيدة
لكل معتقل بأن يرى زملاءه المعتقلين ،ويطمئن على أحوالهم.
تساءل كل معتقل عن أحوال رفاقه الذين معه ،ولكن كان ينقصهم واحد .إن عم أمين لم يحضر الجلسة
هذه المرة ،تساءل المعتقلون جميعهم عنه.
قال آسر بنبرة قلقة:
-لقد كان مريضا جدا الجلسة الماضية ،وأخبر المحامي الذي يت ارفع عنه بأن حالته تزداد سوءا.
-ربما لم يقَو على المجيء وحضور الجلسة.
-أو ربما وافقت إدارة السجن على إرساله إلى المستشفى لتلقي العلاج.
بعد تلك التكهنات ،علموا لاحقا بأن عم أمين قد وافته المنيّة ،وانتقل إلى رحمة الله ،كانت حالته قد
ازدادت سوءا؛ بسبب منع الدواء عنه ،وعدم عرضه على طبيب أو السماح له بدخولمستشفى.
لم يتل ّق عم أمين أي عناية رغم مرضه ،قاوم حتى آخر طاقة لديه ،حارب مرضه حتى آخر دفعة إ اردة
يحملها.
كان الحكم النهائي في تلك القضية بالب ارءة ،قتلوه ثم أعطوه ب ارءة.
حقا«،يحيا العدل!».
في كل قوانين العالم يكون المتهم بريء حتى تثبت إدانته ،إلا هنا ،فالمعتقل ُمدان حتى تأتي الأوامر
بب ارءته ،وان أتت يكون قد ُعّذب ،و ُجّوع ،وُمنع عنه الدواء،ومات.
نال آسرب ارءة من تلك القضية ،والتي كان متهما فيها مع عم أمين وآخرين ،وبقيت له قضية أخرى( :قتل
ضابطين أثناء اشتباك مسلح).
153
مسيلة للدموع