Page 52 - m
P. 52

‫العـدد ‪57‬‬   ‫‪50‬‬

                                                    ‫سبتمبر ‪٢٠٢3‬‬

 ‫الراهنة ونزعاتها الإنسانية وروحها الفنية‪ ،‬وانحط‬      ‫تجليدها في مجلد واحد في (‪ 700‬صفحة)‪ .‬الأعداد‬
 ‫بما أصاب معظم رجاله ‪-‬ولا أستثني الكثيرين من‬              ‫كلها ستكون في خمسة مجلدات كبيرة حسب‬
 ‫المجيدين‪ -‬من الخصاصة التي ما كانت لتدركها في‬
‫عصور الحفاوة بالأدب الخالص حيث لم يكن ُيعاب‬         ‫تصوري في الترتيب‪ .‬وعلى الرغم من التكلفة الباهظة‬
  ‫التكسب بالشعر‪ ،‬فتدلى الشعر معهم تب ًعا لعجزهم‬       ‫للمجلد الأول‪ ،‬فإنني لم أبخل في تغذية العقل‪ ،‬ولم‬
 ‫المادي وتبرمهم بالحياة وعزوفهم عن الإنتاج الفني‬                                       ‫أهتم بالتكلفة‪.‬‬
  ‫الذي يطالبهم بالجهد والتدبر‪ ،‬وهكذا صارت حالة‬         ‫إن مجلة أبولو هي لسان حال جماعة أبولو التي‬

     ‫الشعر العربي في عصرنا هذا خلي ًطا كري ًها من‬   ‫ضمت نخبة من ألمع شعراء مصر وأُدبائها ونقادها‪.‬‬
  ‫الحسن والقبح‪ ،‬من الجودة والإسفاف‪ ،‬من السمو‬                ‫(يتألف مجلس إدارة الجمعية من حضرات‪:‬‬
                                                           ‫أحمد شوقي بك (رئي ًسا) وخليل مطران بك‬
     ‫والانحطاط‪ ،‬وذلك بصورة شاذة غريبة‪ .‬ونظ ًرا‬
‫للمنزلة الخاصة التي يحتلها الشعر بين فنون الأدب‬         ‫وأحمد محرم (نائبي الرئيس)‪ ،‬وأحمد زكي أبو‬
                                                       ‫شادي (سكرتي ًرا)‪ ،‬ومن حضرات الأعضاء الآتية‬
  ‫واعتبا ًرا لما أصابه وأصاب رجاله من سوء الحال‪،‬‬
    ‫حينما الشعر من أج ِّل مظاهر الفن وفي تدهوره‬         ‫أسماؤهم‪ :‬الدكتور إبراهيم ناجي والدكتور علي‬
                                                         ‫العناني وكامل كيلاني ومحمود عماد ومحمود‬
 ‫إساءة للروح القومية‪ ،‬لم نتردد في أن نخصه بهذه‬       ‫صادق وأحمد الشايب وسيد إبراهيم وعلي محمود‬
  ‫المجلة التي هي الأولى من نوعها في العالم العربي‪،‬‬  ‫طه ومحمود أبو الوفا وحسن القاياتي وحسن كامل‬
                                                       ‫الصيرفي‪ .‬وتتألف اللجنة التنفيذية من حضرات‪:‬‬
     ‫كما لم نتوان في تأسيس هيئة مستقلة لخدمته‬          ‫أحمد شوقي بك والدكتور علي العناني والدكتور‬
    ‫هي (جماعة أبولو) وذلك حبًّا في إحلاله مكانته‬
 ‫السابقة الرفيعة وتحقي ًقا للتآخي والتعاون المنشود‬        ‫إبراهيم ناجي وسيد إبراهيم وأحمد زكي أبو‬
  ‫بين الشعراء‪ .‬وقد خلصت هذه المجلة من الحزبية‬                                             ‫شادي)(‪.)1‬‬

       ‫وتفتحت أبوابها لكل نصير لمبادئها التعاونية‬     ‫ومعروف ج ًّدا أن جماعة (أبولو) وتاريخها الأدبي‬
                                 ‫الإصلاحية”(‪.)2‬‬         ‫الناصع هي التي أحدتث ثورة كبرى في مسيرة‬

     ‫نعم لقد كان هدف المجلة الشعر‪ ،‬سموه ورقيه‬       ‫شعرنا العربي الحديث المعاصر‪ .‬وهي مدرسة أخذت‬
  ‫وإبداعه‪ .‬وقد كان لها ما لها‪ .‬فقد أنجزت وأنشدت‬          ‫على عاتقها الارتقاء بإبداعية وجمالية القصيدة‬

       ‫روائعه ودرره‪ .‬وأسماء كبيرة معروفة وغير‬         ‫العربية الحديثة التي كانت ترزح وترسف بأغلال‬
    ‫معروفة‪ ،‬ولكنهم أجمعوا جميعهم على أن الشعر‬             ‫الوزن والقافية‪ ،‬ولزوم ما لم يلزم على حساب‬
 ‫ديدنهم‪ ،‬وديوانهم الأول‪ .‬شارك في المجلة ‪-‬أي ًضا‪-‬‬                            ‫المضمون وجمالية الشعر‪.‬‬
   ‫شعراء كبار من جميع الأقطار‬                                            ‫جاءت مقدمة رئيس التحرير‬
‫العربية منهم‪ :‬أبو القاسم الشابي‪،‬‬                                        ‫أحمد زكي أبو شادي في العدد‬
     ‫إلياس فرحات‪ ،‬محمد مهدي‬                                              ‫الأول (سبتمبر ‪“ :)1932‬من‬
     ‫الجواهري‪ ،‬إيليا أبو ماضي‪،‬‬                                            ‫الحقيقة الملموسة وليس من‬
‫شفيق المعلوف‪ ،‬ورياض المعلوف‪،‬‬                                           ‫الخيال الشعري الخلاب تستمد‬
 ‫إلياس قنصل‪ ،‬علي أحمد باكثير‪،‬‬                                        ‫هذه السطور قوتها في التنبيه إلى‬
   ‫صالح بن علي الحامد العلوي‪،‬‬                                         ‫الحاجة لمثل هذه المجلة للنهوض‬
                                                                        ‫بالشعر العربي وخدمة رجاله‬
      ‫خليل شيبوب‪ ،‬يعقوب حنا‪،‬‬                                            ‫والدفاع عن كرامتهم وتوجيه‬
   ‫مصطفى جواد‪ ..‬وغيرهم‪ .‬كما‬                                           ‫مجهوداتهم توجي ًها فنيًّا ساميًا‪.‬‬
  ‫لاننسى النقد الذي واكب المجلة‬                                         ‫ولا يختلف اثنان في أن الشعر‬
‫سواء في نقدها‪ ،‬أو في نقد شعراء‬                                          ‫العربي تسامى وانحط في آن‪:‬‬
                                                                     ‫تسامى بتأثره بنفحات الحضارة‬
                ‫العربية القدماء‪.‬‬
 ‫وقبل أن أذهب إلى منهجية المجلة‬
   47   48   49   50   51   52   53   54   55   56   57