Page 88 - m
P. 88

‫العـدد ‪57‬‬   ‫‪86‬‬

                                                         ‫سبتمبر ‪٢٠٢3‬‬

                              ‫الكرة بين الأرجل‪.‬‬           ‫فاجأت صباح العا َل كله وارتضت بالعيش معه في‬
‫لا أنسى أب ًدا مباراتنا النهائية مع فريق النجوم‪ُ ،‬كنَّا‬  ‫حجرته‪ ،‬لم ُتكلفه ملي ًما‪ ،‬ل ُتنهي أسطورة صباح بنت‬

   ‫نعرف أننا نواجه الفريق الأقوى ونتوقع هزيمة‬              ‫الحاج سعد الشخوني وحسن بن عباس الحلاق‪.‬‬
                                                                                                   ‫قالت‪:‬‬
  ‫قاسية‪ ،‬لم يكن بفريقنا من يخشونه سوى صالح‬
                                                                                   ‫‪ -‬ياريت تقنعه‪ ،‬تعبت!‬
 ‫رجب‪ ،‬قاومنا هجومهم الكاسح واستطعنا الحفاظ‬                  ‫أعترف أنني كنت أستخسر صباح في حسن‪ ،‬كم‬

      ‫على التعادل معهم دون أن نصل إلى مرماهم‪.‬‬                   ‫تمنيتها لنفسي‪ ،‬لكنها لم تر في الدنيا سواه‪.‬‬
                                                           ‫صارحتني ‪-‬دون خجل‪ -‬أنه يراها تمثا ًل جمي ًل‪،‬‬
   ‫قبل النهاية بدقيقتين انطلق الشيخ بالكرة‪ ،‬راوغ‬
                                                               ‫يود لو ظل يستمتع بتفاصيله وجمال ُصنعه‬
     ‫كل من قابله من الفريقين حتى حارس مرمى‬                                     ‫وتكوينه‪ ،‬لم ير فيها الأنثى‪.‬‬

‫النجوم‪ ،‬أصبح المرمى خاليًا أمامه‪ ،‬انتظرنا أن يضع‬            ‫منذ أن أُغلق عليهما الباب في وجه العالم المبهور‬
  ‫الكرة في المرمى‪ ،‬فوجئنا به يعود بها مرة أخرى‪،‬‬           ‫بتهورها كما يراه البعض‪ ،‬وبشجاعتها وتضحيتها‬

‫باحثًا عمن يراوغه حتى تكاثروا عليه وأخذوها منه‬               ‫في سبيل حبها كما يراها البعض‪ ،‬اكتش َف ْت أنها‬
                                                         ‫ظلت سنوات ُتحب ملا ًكا طاه ًرا‪ ،‬قدي ًسا‪ ،‬ليس بش ًرا‬
                         ‫وأصابونا بهدف وحيد‪.‬‬
     ‫ِه ْجنا عليه‪ِ ،‬كدنا نفتك به‪ ،‬جرى مدرب الفريق‬                         ‫مثلنا‪ ،‬يتكاثر ويضعف ويشتهي‪.‬‬
                                                               ‫ما زالت صباح رغم سنوات الحرمان تحتفظ‬
                    ‫وراءه وأقسم أن ُيي ِّطله الكرة!‬         ‫بجاذبيتها‪ُ ،‬يضفي عليها الحزن الصامت ومرارة‬
                                                              ‫الهزيمة جما ًل وشجنًا‪ ،‬ما زال قوامها مفرو ًدا‬

                                                                                   ‫تحتفظ بكافة تفاصيله‪.‬‬
                                                          ‫قالت صباح إنها كادت تضعف‪ ،‬استجابت لإلحاح‬

                                                             ‫شوقي صديقنا المشترك ووقفت بباب شقته ثم‬
                                                                                         ‫ارتدت مذعورة‪.‬‬

                                                                 ‫قالت إنها إنسانة نفدت طاقتها على احتمال‬
                                                                                               ‫الحرمان‪.‬‬

                                                                             ‫***‬
                                                           ‫الجالس على الأرض في أقصى يسار الصورة هو‬
                                                           ‫صالح رجب أو الدكتور صالح أو الشيخ صالح‪.‬‬
                                                           ‫شكله تغير تما ًما‪ ،‬النحيف صاحب الوجه الأبيض‬
                                                          ‫كالحليبب‪ ،‬الألدغ في الراء! ُتغطي وجهه الأن لحي ٌة‬

                                                               ‫كثيفة ُتداري بياضه‪ ،‬يكاد يخرج من الشاشة‬
                                                            ‫ويقبض على مشاهديه الكثيرين‪ ،‬يسوقهم أمامه‬
                                                             ‫ل ُيلقي بهم في َج َهنَّم‪ ،‬ما يزال خفيف الظل حتى‬
                                                         ‫وهو يتوعد ويشرح عقوبات الضالِّين‪ ،‬كأنما يعرف‬
                                                           ‫ُجغرافية جهنم أو أُسري به للجنة! و ُو ِعد بالعتق‬

                                                                                               ‫من النار!‬
                                                         ‫أتذكره بزيه الأزهري قاد ًما من قاعات أصول الدين‬

                                                            ‫بالد َّراسة للملعب مباشرة‪ ،‬يخلع العمامة وال ِجبَّة‬
                                                              ‫وال ُقفطان فيبدو بزيه الرياضي وينزل الملعب‪.‬‬
                                                             ‫كان أكثرنا مهار ًة وقدر ًة على المراوغة‪ ،‬وتمرير‬
   83   84   85   86   87   88   89   90   91   92   93