Page 89 - m
P. 89

‫‪87‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫القصة‬

‫منصور‪ ،‬تنام معه في بيتها يومين أُسبوعيا! ضبطه‬                   ‫من يومها لم يلعب الشيخ مباريات رسمية‪،‬‬
  ‫معها‪ ،‬كتَّفوه من يديه وقدميه‪ ،‬أجبروه على توقيع‬           ‫اكتفى بالمراوغة وتمرير الكرة من بين الأرجل في‬
    ‫إيصال أمانة‪ ،‬اضطر أبوه لرهن السوبر ماركت‬
                                   ‫ليدفع قيمته‪.‬‬                               ‫الساحات العامة والشوارع‪.‬‬
                    ‫***‬                                                      ‫***‬
                                                         ‫ذلك الذي يضع ذراعيه في وسطه واق ًفا هو منصور‬
‫الجالس في المنتصف تما ًما‪ ،‬بشاربه الكثيف وصدره‬
  ‫البارز وعضلاته الصلبة كلاعبي رفع الأثقال هو‬                                                     ‫خليفة‪.‬‬
      ‫حاتم سلامة‪ ،‬أو الشهيد حاتم سلامة‪ ،‬ضابط‬                 ‫أعترف الآن بعد تلك السنوات الطوال‪ ،‬أنني من‬
                              ‫العمليات الخا َّصة‪.‬‬           ‫وشي به عند المدرب‪ ،‬أخبرته أنه ُيدخن السجائر‬
  ‫تقدمنا م ًعا لاختبارات الشرطة‪ ،‬اجتاز الاختبارات‬
  ‫كاملة وأخفقت في كشف الهيئة‪ ،‬لا أعرف السبب!‬                  ‫و ُيح ِّرض اللاعبين على ُشربها‪ ،‬يمارس العادة‬
                                                         ‫ال ِّس ِّرية ويأتي بمجلات فيها صور إباحية يعرضها‬
‫ربما لأن والدي كان موظ ًفا صغي ًرا بالسكة الحديد‪،‬‬
 ‫ووالده قارئ شهير‪ ،‬يقرأ القرأن في مأتم اللواءات‪،‬‬                            ‫علينا فيتبادلها اللاعبون س ًّرا!‬
                                                              ‫َص ّدقني المدرب واستبعده تما ًما من المباريات‪.‬‬
                             ‫وعلاقته وثيقة بهم‪.‬‬
     ‫كلما ترقي ووضع على كتفيه نجمة‪ ،‬يتصل بي‬                       ‫لا يعرف أحد تقريبًا أنني من أخبر ‪-‬بدر‬
     ‫حسن‪ُ ،‬ي َح ِّفزني ألا أُ َف ِّوت واجب تهنئة صديقنا‬  ‫الميكانيكي‪ -‬أن زوجة شقيقه المسافر للخارج ُترافق‬
‫المشترك‪ ،‬لم أفعلها مرة واحدة‪ ،‬إلى أن رأيت صورته‬
 ‫على شاشة التليفزيون‪ ،‬ولا حديث إلا عن استشهاد‬
‫العقيد البطل العميد حاتم سلامة في حادث إرهابي!‬
    ‫حضرت جنازته‪ ،‬وقفت بجوار والده وشقيقيه‪،‬‬

                                ‫نتقبل العراء فيه‪.‬‬
   ‫أصبحت أرى اسمه على واجهة المدرسة الثانوية‬

                              ‫التي تخرجنا فيها‪.‬‬
 ‫آخر من أعرفهم من ُس َّكان الصورة هو محمد عبد‬
  ‫المنعم‪ ،‬كما نناديه في وجوده‪ ،‬ومحمد (الأقرع) في‬

                                         ‫غيابه‪.‬‬
  ‫ُتميِّزه «الكاسكيتة» المعكوسة‪ ،‬مقدمتها في مؤخرة‬
 ‫رأسه‪ ،‬لا يخلعها أب ًدا‪ُ ،‬ولِد برأسه الأصلع‪ ،‬لم تنبت‬
   ‫له شعرة واحدة‪ ،‬رغم قصره كان َه َّداف الفريق‪،‬‬

                        ‫أحرز أهدافه كلها برأسه‪.‬‬
        ‫لا أنسى أب ًدا ذلك ال َح َك ْم الذي أصر على ألا‬
     ‫يبدأ المباراة إ َّل برأس محمد عار ًيا‪ ،‬راف ًضا كل‬
     ‫التوسلات‪ ،‬تأخرت المباراة طوي ًل‪ ،‬انهار محمد‬
    ‫وخلع (الكاسكيتة) وألقاها على الأرض‪ ،‬مغاد ًرا‬

                           ‫الملعب برأسه الأصلع‪.‬‬
   ‫أقسم ألا َيمس الكرة ثاني ٌة‪ ،‬من يومها لم أره ولا‬

                                ‫أعرف عنه شيئًا‪.‬‬
    ‫بموت حسن تضاءلت الفرص في معرفة مكاني‬

                                      ‫بالصورة‪.‬‬
   84   85   86   87   88   89   90   91   92   93   94