Page 94 - m
P. 94
العـدد 57 92
سبتمبر ٢٠٢3
وأنت في غدوك وروحك تحلمين الورق بين يديه ،وتلطيخه ببق ٍع من قهوته التركية
وتجعيده حين يغضب.
أحبِّيني يا وردة الروح
لم أعد أحتمل النساء الجميلات تبدو صديقتي كج ِّدي ،كأنها تعيش في العصر
فأن ِت الحجري ،عصر فريد وبارني(!)1
ُعذري ُة الكو ِن في بدايات ِه
وعذري ُة ال َجما ِل الب ِّري المؤ ِّرق لكنها لم تكن وحدها في ذلك ،بل عشرا ٌت ومئات من
أن ِت التي تتبعها الأيائ ُل في الغابات الثلجية، الفتيات اللواتي يتابعنه بانتظام ،ما زلن يكتبن له
الرسائل على ورق مع َّطر وردي اللون ،ويتنافسن
وتجري الأنها ُر نحوها على حبِّه.
وإليها تسب ُح الكائنا ُت البحرية
وفي قلبها تع ِّش ُش عصافي ُر الرو ِح ***
والمحيطا ُت تهديها النوار َس..
حين تصحو على يقظتها! وصل ُت وصديقتي فاتن إلى المركز الثقافي الملكي في
أحبِّيني يا نرجس َة الكو ِن شارع الملكة علياء ،بين دوا َري الداخلية والمدينة
فإ ِّني لم أعد أحتم ُل النساء الجميلات.. الرياضية.
كان صو ُته رخي ًما ،و َو ْق ُع الموسيقى يتناغ ُم مع كان كراج المركز مليئًا بالسيارات ،كذلك الشوارع
إلقائ ِه للشعر ..بوقفا ِته وسكنا ِته .شعر ُت بقلبي المحيطة به ،فاض ُط َّرت فاتن إلى ركن سيارتها بعي ًدا.
يخف ُق رغ ًما عني .شعر ُت أن القصيد َة كانت لي
وحدي! هرولنا لخمس دقائق حتى وصلنا المبنى الدائري
الجميل .كانت القاعة الرئيسية تغ ُّص بالحاضرات
قال بأنه لم يعد يحتمل النساء الجميلات ،وأنا لست والحاضرين من النساء والمُخت َلف على جن َد ِرهم من
جميل ًة ح ًّقا.. ك ِّل عم ٍر ولو ٍن وشكل؛ الطويل ُة والقصير ُة والصبية
وقال يا نرجس َة الكون ،واسمي نرجس.. والعجوز والبيضاء والسمراء ..ربما لم تبق امرأة
نظر ُت من حولي كي أرى إن اكت َش َف ْت أو فتاة أو شا ٌّب في ع ّمان وضواحيها ،إلا وكانوا في
إحداه َّن الس َّر، لك َّن الحاضرا ِت ك َّن مأخوذا ٍت ب ِشع ِره
ووسامته، الأمسية.
ارتفع ِت الموسيقى السيمفونية من س َّماعات المركز،
وكأ َّن على رؤوسه َّن الطير .لا يتحركن أو يرمشن وأُطفئت الأنوا ُر ،فع َّم الظلا ُم باستثناء إنارة خافتة.
وبالكاد يتنفسن! ولولا قلي ٌل من خج ٍل ،لق َّطع َن
أك َّفهن. وتزام َن في لحظ ٍة مهيبة ،صوت طبل يقرع في
رؤوسنا مع ظهور الشاعر على خشبة المسرح.
تأكد ُت أنهن لم تعرفن الس َّر ،وبأنني وقع ُت في ُسلِّطت الك َّشافا ُت عليه ،فارتفع صرا ُخ الفتيا ِت
حبا ِل الح ِّب .وبعد ثوا ٍن ،علا التصفي ُق ود َّوى في والنسوة مع التصفيق والتصفيرُ .جنَّت القاع ُة كذلك
االلقفاارعةعةالكوبيسرمةرِ .ت ِهحايَّلاآالسرشاة،ع ُروارلفجعملهناو َري َدمهن بحإنيًاشابرق ِةامته صديقتي ،لكنني لم أُج ّن معهن .أشا َر الشاع ُر بيده
الوداع. إلى الجمهور بالصمت ،سمعنا صوت عز ِف نا ٍي من
بعيد ،بدأ عاليًا ثم انخفض بالتدريج ليرتف َع صو ُت
التف ُّت إلى صديقتي مذهولة: الشاعر العميق المؤ ِّثر .بدأ يقرأ قصيدته الجديدة
-ماذا؟ هل انتهى؟ معقول؟
-نعم ،إنه لا يلقي سوى قصيد ٍة واحدة في كل بعنوان «أحبِّيني».
أحبِّيني
مرة.
-وهل ح ًّقا تستحق البضعة دنانير؟ أيتها المرأة الغافي ُة
في شراييني
-نعم ،بالتأكيد ..فتذاكر أمسياته تباع بعشرين أحبيني
دينا ًرا في العادة ،لكن التخفيض اليوم بسبب عيد وأنت على ِفراش ِك تستلقين
الح ِّب ..والأهم من ال ِشعر هو التقاط صورة تذكارية