Page 95 - m
P. 95

‫‪93‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫القصة‬

     ‫‪ -‬يمكنك الوقوف خلفي لالتقاط صورة معي‪.‬‬                       ‫معه‪ ،‬وتوقيعه على إحدى صوره أو كتبه‪.‬‬
                ‫‪ -‬شك ًرا لا داعي لذلك‪ ..‬عن إذنك‪.‬‬               ‫‪ -‬وهل يتَّسع الوقت؟ أعني هناك مئات من‬

‫وسر ُت متعثرة نحو صديقتي التي كانت تحدجني‬                                                    ‫الحضور!‬
                             ‫بنظرا ٍت مستغربة‪.‬‬                 ‫‪ -‬عاد ًة يمنحنا ساعة من وقته‪ ،‬ومن فا َت ْتها‬
                                                          ‫الفرصة تحض ُر أو ًل في الأمسية القادمة‪ .‬لنذهب‬
‫سمع ُت صوته ينادي‪ :‬أن ِت‪ ..‬يا فتاة‪ ،‬ما اسمك؟ هذه‬        ‫للاصطفاف‪ ،‬أنا ممن حضرن م َّرتين ولم يو ِّقع لي‪،‬‬
                             ‫أول مرة أراك فيها‪.‬‬               ‫وبالتالي فاليوم دوري‪ ..‬رقمي خمسة عشر‪.‬‬
                                                         ‫أمس َك ْت بيدي وس َح َبتني خل َفها نحو المسرح حيث‬
        ‫لم أجب‪ ،‬لكن صديقتي قالت بصوت عال‪:‬‬               ‫كان يجلس وعلى جانبيه يقف حارسان شخصيان‬
                                ‫‪ -‬إنها نرجس‪..‬‬
                                                                ‫وإلى الخلف منه ثلاث حارسات جميلات‪.‬‬
‫حين سمع الاسم‪ ،‬انتفض‪ .‬خلع نظار َتيه‪ ،‬نه َض عن‬                 ‫انتظم ُت وصديقتي في ص ِّف الفتيات اللواتي‬
‫الكرسي الد َّوار‪ ،‬وتح َّرك باتجاهي‪ ..‬تبعه الحارسان‬     ‫يسبقننا‪ ،‬وحين جاء دور صديقتي وقف ُت إلى جانبها‬
                                                          ‫مرتبكة‪ .‬لم أطلب توقيعه على إحدى صوره التي‬
   ‫والحارسات الثلاث‪ .‬م َّد يده وسلَّم عليَّ وقال لي‪:‬‬   ‫تباع بعشرين دينا ًرا‪ ،‬ولم أطلب التقاط صورة معه‪.‬‬
 ‫أه ًل نرجس‪ ،‬يجب أن أراك اليوم‪ ،‬هل يمكن ذلك؟‬              ‫كان يجلس خلف طاولة عريضة تتسع لعشرات‬
                                                          ‫النسخ من كتبه ومئات الصور بأوضاع مختلفة‪،‬‬
                ‫بل الليلة‪ ،‬أعني‪ ..‬الآن‪ ..‬هل يمكن؟‬         ‫يضع نظارة ملونة تبدو كإضاف ٍة َجمالية وليست‬
                    ‫خفق قلبي‪ ،‬وكاد ُيغمى عليَّ‪..‬‬          ‫للنظر‪ .‬و َّقع ديوانه الأخير لصديقتي التي وق َف ْت‬
                                                          ‫إلى جانبه‪ .‬التقط لها المص ِّور الخاص صورة معه‬
‫لم ينتظر جوابي‪ ،‬أمس َك بيدي التي استسلم ْت ل َي ِد ِه‬      ‫مبتسمة‪ .‬ظهرت الصور ُة لايف على الإنستغرام‬
    ‫الدافئة‪ ،‬وخرجنا من القاع ِة سو ًّيا وس َط ذهو ِل‬       ‫وعلى ستوري الفيس بوك‪ ،‬وانسح َب ْت فاتن من‬
     ‫صديقتي والجمهور والفتيات اللواتي ينتظرن‬           ‫أما ِم ِه سري ًعا كما ُيفترض‪ .‬نظ َر إل َّي من فوق ن َّظارته‪،‬‬

‫بالدور والمعجبين والحرس الذين أشار لهم بالبقاء‬                         ‫وأنا أق ُف أمامه صن ًما دون َحراك‪.‬‬
                                  ‫ك ٍّل في مكانه‪.‬‬          ‫هه‪ ..‬أين نسخة الكتاب أو الصورة التي تريدين‬

                ‫ع َل ِت الدهش ُة جمي َع من في القاعة‪.‬‬                                         ‫توقيعها؟‬
 ‫ترك ك َّل شي ٍء ورا َءه‪ ،‬في حين نسي ُت عقلي ورائي‪،‬‬                                      ‫لا‪ ،‬لم أُحضر‪..‬‬
‫وأنا أخطو نحو مستقب ٍل مجهو ٍل‪ ،‬تحكمه دق ُة غبي ٌة‬                      ‫ألا تريدين توقيعي على صورتي؟‬

                                        ‫رابعة!‬                                                 ‫ارتبك ُت‪:‬‬
                                                                                          ‫‪ -‬لا‪ ..‬شك ًرا‪.‬‬
                   ‫هامش‪:‬‬

 ‫‪ -1‬عصر فريد وبارني‪ :‬ظهر المسلسل التلفزيوني‬
‫الأمريكي (فلينستون) في عام ‪ .1960‬ويحكي قصة‬
‫فريد وزوجته وبارني وزوجته وحياتهم في العصر‬

                                      ‫الحجري‪.‬‬
   90   91   92   93   94   95   96   97   98   99   100