Page 97 - m
P. 97

‫‪95‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫القصة‬

‫يحرك ساكنًا‪ ،‬تشجع الحارس واعتصر كتف الرجل‬              ‫اشتراه والده له بعد وفاة صاحبه‪ .‬ثم راضي‬
  ‫الكبير وهزه كأنه يقتلعه من كرسيه‪ ،‬لكن لم ينتج‬    ‫الحلاق الذي كان ينتظره بابتسامته الجميلة‪ .‬رفع‬
     ‫عن هذا إلا ميل الرجل على جنبه فلم يعد هناك‬
        ‫سوى جس نبضه ليتأكد الحارس أنه مات‪.‬‬                              ‫الرجل يده بالسلام وقال‪:‬‬
     ‫تحول الشارع الهادئ الذي عاش في ظل رجله‬                          ‫‪ -‬سلام عليكم يا عم راضي‪.‬‬
  ‫الكبير إلى مسرح جريمة‪ ،‬والكرامة التي عاش بها‬     ‫رد راضي ومن خلفه جوقة الجالسين في الدكان‪:‬‬
 ‫أهل الشارع أهدرت في ساعات قليلة‪ ،‬اقتحم رجال‬                   ‫‪ -‬وعليكم السلام يا كبيرنا‪ .‬تفضل‪.‬‬
 ‫الأمن كل بيت وكل غرفة وفتشوا كل ركن‪ .‬اختفى‬                      ‫‪ -‬والله كان بودي لكن مرة ثانية‪.‬‬
  ‫راضي الحلاق وكل من كانوا بالدكان قبل دخول‬          ‫‪ -‬نفسي تقعد على الكرسي كأيام زمان‪ .‬بذمتك‬
    ‫الرجل‪ ،‬بل كل من ألقى عليهم الرجل التحية في‬             ‫عمر حلاق قص شعرك مثل عم راضي؟‬
 ‫جولته الأخيرة في شارعه‪ .‬لم يسلم المصورون من‬           ‫في تلك اللحظة‪ ،‬ولسبب لن يعلمه أي شخص‪،‬‬
  ‫الشك واختفوا بكاميراتهم التي سجلت كل شيء‪،‬‬         ‫ولسوء حظ راضي الذي كان يظن نفسه قد بلغ‬
                        ‫أو هكذا ظن رجال الأمن‪.‬‬                ‫غاية المنى‪ ،‬قرر الرجل دخول الدكان‪.‬‬
 ‫تم دفن الرجل بعد أسبوعين رغم إعلان أنها وفاة‬                        ‫‪ -‬طيب والله ما أرد لك طلب‪.‬‬
    ‫طبيعية نتيجة سكتة قلبية‪ ،‬كانت جنازته مهيبة‬     ‫طب ًعا حل الحرس مكان الزبائن الذين لم يحتاجوا‬
   ‫بمن حضرها من رجال الدولة‪ ،‬تلقى أبوه العزاء‬    ‫أكثر من نظرة ليرحلوا‪ .‬جلس الرجل وابتسامته على‬
                                                  ‫وجهه والكاميرات تلتقط تلك اللحظة العفوية لرجل‬
                                                  ‫نشأ في حي شعبي ووصل لأعلى المناصب‪ ،‬لكنه ما‬
                                                   ‫زال يعشق تراب شارعه‪ .‬بعد قليل كان الرجل قد‬
                                                  ‫استسلم لمقص راضي وماكينته خاف ًضا رأسه على‬
                                                  ‫صدره كأي رجل في دكان الحلاق‪ ،‬لكن الذي جعل‬
                                                 ‫ذلك اليوم لا ينسى أنه الرجل الكبير لم يرفع رأسه‬

                                                                                           ‫ثانية‪.‬‬
                                                 ‫مات الرجل الكبير على كرسي راضي الحلاق‪ .‬طلب‬
                                                  ‫منه راضي بصوت خفيض أن يرفع رأسه لكنه لم‬

                                                   ‫يستجب‪ .‬طبطب على كتفه في خوف فهو لا يعرف‬
                                                  ‫هل مسموح له لمس كتفه أم لا‪ .‬حين لم يرد الرجل‬

                                                      ‫نظر راضي إلى الحرس وقال وهو يبلع ريقه‪:‬‬
                                                                                          ‫‪ -‬نام؟‬

                                                    ‫نظرة عينيه وحدها نزعت الحرس من كراسيهم‪،‬‬
                                                     ‫اقترب الحارس الشخصي ونكز الرجل الذي لم‬
   92   93   94   95   96   97   98   99   100   101   102