Page 96 - m
P. 96
العـدد 57 94
سبتمبر ٢٠٢3
محمد ذهني
زيارة الرجل الكبير
المزاج أم لا من طريقة مشيه ومن رده على التحايا، كل شيء كان يبدو عاد ًّيا في عصر ذلك الخميس
يعرفون وقت نزوله من حركة الحراس ،كما تأتيهم الذي لن ينساه أهل الشارع أب ًدا ،حتى زيارة الرجل
تفاصيل الزيارة من حكايات الحاج لشيوخ الشارع
الشهرية لم تكن تغير كثي ًرا من روتين الشارع
في الطريق من وإلى المسجد بعد كل صلاة .لذلك الذي اعتادها طوال عشرين عا ًما .كان أهل الشارع
كان وجود مصورين معه أم ًرا مرب ًكا علق عليه
سمير البقال وهو يقف على باب دكان راضي ينتظرون الزيارة ويتباهون بالزائر ويفرحون
لرؤية الحرس الذين يعرفون أهل الشارع فر ًدا
الحلاق: فر ًدا كأنهم أسرة الرجل .لقب الرجل هو اللقب
-الإشاعات صحيحة. الذي ارتضاه أهل الشارع عندما يتحدثون عن ابن
تبادل الرجال في الصالون نظرات السخرية جيرانهم .فهم لا يريدون ذكر اسمه الذي صار
مستنتجين ما سيقوله سمير. نطقه يثير الرعب في أوصال الرجال ،ولم يرغبوا
-الانتخابات على الأبواب ووجبت الدعاية في وصفه برتبته ولا مهنته الخطيرة .فاكتفوا بلقب
الرجل الكبير الذي أرضى غرورهم قلي ًل ،ثم صار
الانتخابية. الاسم الرجل اختصا ًرا ولعدم إثارة انتباه من لا
رد راضي.
-والله أنت خرفت .ناقص تقول أن الحزب رشحه. يجوز إثارة انتباههم.
-لا يا فالح .ولكن الدستور ،والكاميرات ،وطريقة أتى الرجل بعد صلاة العصر في سيارته ومعه
سيارة الحراسة المعتادة .لكن هذه المرة اصطحب
مشيه. معه مصو ًرا فوتوغرافيًّا وآخرين لتصوير الفيديو.
كان كلامه منطقيًّا هذه المرة .أراد أن يكمل ولكن كانوا يصورون كل خطوة له من كل الزوايا منذ
لحظة نزوله من السيارة واتبعوه داخل بيت أبويه
راضيًا نبهه لحركة الحراس التي تنبئ بنزول يرافقهم الحراس .كان المنزل دورين يسكنه الأبوان
الرجل .وبالفعل ظهر الرجل على عتبة باب المنزل منذ ما يقرب من ستين عا ًما ،خلت كل شققه بموت
ساكنيها وتعويض الرجل للورثة كي لا يشغلوا
بعد بضعة دقائق تسبقه الكاميرات .وحينها الشقق الخالية بعد أن اشترى المنزل .مكث عند
بدأت الأحداث التي ستظل في ذاكرة أهل الشارع أبويه ساعة أتاحت له شرب فنجان القهوة من يد
الحاجة والاطمئنان على أبيه .خلال الساعة تمضي
لسنوات ،رفع رأسه وأسبل عينيه وابتسم ،ثم الحياة في الشارع بصورة طبيعية ،أو هكذا يبدو،
تحرك ،لا باتجاه سيارته كالمعتاد ،بل إلى الشارع لكن في الحقيقة الجميع يتابع ما يحدث ويراقبون
كل حركة وكل لفتة .يعرفون مث ًل هل هو رائق
ذاته ،يحيط به المصورون ملتقطين كل ابتسامة
وكل تحية .مر على المقهى راف ًعا يده بالسلام
مستقب ًل الردود المحتفية به والداعية للانضمام
لمجالسهم .ثم دكان سمير البقال وأمامه جلال
الخضري ثم دكان ألبان نزيه ابن سمير الذي