Page 165 - m
P. 165

‫حول العالم ‪1 6 3‬‬

‫بيير بورديو‬  ‫أندرو ريبين‬           ‫أنجليكا نويفرت‬                            ‫الأمثال‪ ،‬وينذر الكافرين‪،‬‬
                                                                              ‫ويح ِّدد الأحكام‪ ،‬ويذ ِّكر‬
 ‫أنها قد أفادت محم ًدا عندما‬          ‫وإن نحينا مسائل السياق‬                 ‫متلقيه بقدرة الله الكلية‪،‬‬
 ‫تلى الآيات القرآنية علنًا على‬       ‫جانبًا‪ .‬نويفرت واعية تما ًما‬           ‫وذلك ضمن أنماط أخرى‪.‬‬
  ‫مستمعيه الأوائل‪ .‬بالنسبة‬                                                   ‫إذن فمحاولة فهم الطرق‬
                                       ‫بهذه الشفاهية‪ ،‬وتتعامل‬              ‫التي يتنقل القرآن بها بين‬
    ‫إلى الأقسام الأخرى من‬               ‫مع مسألة نزع الشكلية‬                ‫تلك الأنماط ليست ُمحيِّرة‬
‫القرآن‪ ،‬فإن نويفرت تفترض‬             ‫والظرفية اللذين نقابل بهما‬              ‫بالنسبة للقارئ؛ لذا يعد‬
‫أن لها وظيفة تع ُّبدية‪ ،‬فتربط‬       ‫القرآن بتركيزها على عرض‬                   ‫فحص بنية النص نه ًجا‬
                                   ‫الن ِّص على أنه قد تط َّو َر نتيج ًة‬  ‫مناسبًا لمقاربة سور القرآن‪.‬‬
    ‫البنى الموجودة في بعض‬          ‫لعملية تواصلية مستمرة بين‬                  ‫تح ِّدد أنجيليكا نويفرت‬
      ‫السور المكية الوسطى‬          ‫القرآن ومتلقيه‪ .‬بهذه الطريقة‬
                                         ‫تدعم موقف «نيكولاي‬                     ‫(الباحثة المتميزة التي‬
    ‫رب ًطا تناظر ًّيا مع ك ٍّل من‬      ‫سيناي»‪ ،‬تلميذها السابق‬              ‫تتبنى منه ًجا بنيو ًّيا دقي ًقا)‬
‫شعائر الصلاة في مجتمعات‬                  ‫وزميلها الحالي‪ ،‬مقابل‬            ‫الاختلافات في بنية السورة‬
                                      ‫مدارس كـ ٍّل من «لولينج»‬           ‫وفي استخدام عناصر بلاغية‬
    ‫الأديان التوحيدية ‪-‬مما‬           ‫و»لكسنبرج» و»وانسبرو»‪.‬‬
   ‫يعني وجود تأثير مباشر‬             ‫وبالتالي تؤكد نويفرت على‬                  ‫بعينها تربطها بالفترة‬
  ‫محتمل‪ -‬ومع حقبة مقابلة‬              ‫أن القرآن إنما هو تسجيل‬               ‫الزمنية (المكيَّة المتق ِّدمة أو‬
    ‫في تاريخ المجتمع المسلم‬         ‫للدراما التي شهدها تأسيس‬                 ‫الوسطى أو المتأخرة‪ ،‬أو‬
    ‫المبكر ربما كان فيه بناء‬          ‫المجتمع المسلم المبكر‪ .‬هذا‬
  ‫الصلاة هذا موجو ًدا‪ .‬بهذه‬             ‫هو المنظور الذي يسمح‬                  ‫المدنية) التي تؤمن بأن‬
   ‫الطريقة‪ ،‬تتجاوز نويفرت‬                ‫لنويفرت بالتركيز على‬                  ‫السورة قد تشكلت في‬
   ‫النظر إلى البنية السكونية‬       ‫الوظيفة البلاغية التي يحتمل‬             ‫أثنائها‪ .‬وقد حددت منه ًجا‬
    ‫للسورة بوصفها وحدة‪،‬‬                                                       ‫كام ًل للتفسير في كتاب‬
                                                                            ‫مفصل‪ ،‬متبو ًعا بعديد من‬
     ‫وتستخدم ذلك التحليل‬                                                      ‫المقالات‪ ،‬وهذه النظرية‬
     ‫لتربط ك َّل سورة بفترة‬                                                  ‫تراعي الجوانب البنيوية‬
                                                                           ‫للقرآن التي يمكن أن تمثل‬
                                                                               ‫تحد ًيا‪ ،‬خاصة بالنسبة‬
                                                                            ‫للقارئ الذي ينظر للقرآن‬
                                                                         ‫باعتباره أجنبيًّا غريبًا‪ .‬فمث ًل‪،‬‬
                                                                            ‫واحدة من أعقد المشكلات‬
                                                                         ‫التي يواجهها القارئ الحديث‬
                                                                               ‫في فهمه القرآن متعلِّقة‬
                                                                              ‫بأصله الشفاهي‪ ،‬إذ ُتلي‬
                                                                            ‫القرآن قبل أن يتم تدوينه‬
                                                                             ‫كتابة‪ ،‬وتعني قراءته على‬
                                                                             ‫حالته المادية الحالية أننا‬
                                                                             ‫نستقبله بطريقة مختلفة‬
                                                                           ‫تما ًما عن تلك التي استقبله‬
                                                                           ‫بها جمهوره الأصلي‪ ،‬حتى‬
   160   161   162   163   164   165   166   167   168   169   170