Page 169 - m
P. 169

‫حول العالم ‪1 6 7‬‬                             ‫تيودور نودلكة‬           ‫مثل القرآن‪ .‬إضافة إلى ذلك‪،‬‬
                                                                         ‫تحافظ مقالات نویفرت‬
   ‫على القارئ محاولة تحديد‬              ‫نظرية نويفرت مدهشة‬                  ‫حول بنية القرآن على‬
  ‫موضوع كل آية مما يؤدي‬               ‫وغامضة في الوقت نفسه‪،‬‬
  ‫إلى فهم اختزالي‪ .‬وبرغم أن‬           ‫فالقارى متروك لاستنتاج‬          ‫خطاب التصنيف والتقسيم‬
    ‫التأويلات البنيوية ُت َص ِّدر‬     ‫يقوده إلى أن هذا التحقيب‬         ‫الموضوعيين‪ ،‬فتلخص هذه‬
   ‫الشكل وتش ِّدد عليه بحكم‬        ‫للسور القرآنية أكثر غمو ًضا‬      ‫المقالات استنتاجاتها الرئيسة‬
 ‫تعريفها‪ ،‬إلا أنه لا يتم تج ُّنب‬      ‫وتعقي ًدا مما يمكننا رؤيته‬      ‫المُق َّدمة في (الدراسات) دون‬
                                       ‫من خلال تلك المخططات‬           ‫إجراء تغييرا ٍت أو تنقيحات‬
     ‫تفاسير المضمون‪ ،‬وهذا‬                                               ‫كبيرة‪ .‬ويلاحظ المرء رغم‬
 ‫العنصر المُ َر َّكز على المضمون‬             ‫والرسوم البيانية‪.‬‬         ‫ذلك‪ ،‬أن تلك المقالات تخلق‬
                                   ‫تبرز كذلك أسئلة حول تعيين‬        ‫مجا ًل نظر ًّيا لمزيد من التمييز‬
    ‫ينزع لئلا يجذب الاهتمام‬        ‫الحدود البنيوية على مستوى‬         ‫الكرونولوجي للسور ضمن‬
  ‫إلى نفسه في غمرة التفسير‬
‫القائم على البنيوية‪ .‬فض ًل عن‬        ‫أقسام السورة؛ وكما أشار‬               ‫التحقيب المكي الثلاثي‬
‫ذلك‪ ،‬فإن التقسيمات الداخلية‬        ‫أندرو ريبين في عرضه كتاب‬            ‫المُ َع ِّرف مسب ًقا‪ .‬فعلى سبيل‬
   ‫للسور وآياتها كما أجرتها‬                                           ‫المثال‪ُ ،‬ترجع نويفرت بعض‬
‫نويفرت ترتكز على تعديلاتها‬             ‫نويفرت‪ ،‬فإن التقسيمات‬
‫المقترحة على النسخة القرآنية‬          ‫الموضوعاتية للسور ذاتية‬              ‫الخصائص إلى السور‬
‫التقليدية لحفص‪ .‬وما إن يبدأ‬        ‫بالضرورة في حال غياب أي‬               ‫الأخيرة من الفترة المكية‬
   ‫المرء بتبديل ما هو موجود‬           ‫تقسيمات شكلية واضحة‬             ‫المبكرة‪ ،‬بينما يستمر ظهور‬
  ‫فع ًل في القرآن‪ ،‬كأن يح ِّول‬                                          ‫تلك الخصائص نفسها في‬
  ‫الصيغة الوصفية إلى صيغة‬               ‫(مثل القافية) بمقدورها‬       ‫سور الفترة المكية الوسطى‪.‬‬
  ‫تقريرية‪ ،‬حتى يتضح مدى‬                ‫توفير تقسيمات مقطعية‬          ‫وفي حين تؤكد هذه الملاحظة‬
 ‫فرض هذه البنية على النص؛‬          ‫يمكن الاعتماد عليها بصورة‬             ‫على العملية التي يمر بها‬
 ‫فالبنية الموجودة في النص لم‬        ‫أكبر‪ .‬فلن يجد الق َّراء‪ ،‬الذين‬      ‫الأسلوب القرآني في نظر‬
   ‫تعد النتيجة الطبيعية للنقد‬        ‫يحاولون تفسير المضمون‬               ‫نویفرت‪ ،‬إلا أنها تجعل‬
                                        ‫لموضوعاتي للآيات على‬             ‫فحوى بعض ملاحظاتها‬
    ‫(العلمي) غير الشخصي‪،‬‬            ‫نحو مختلف‪ ،‬السور مقسمة‬          ‫الأخرى موض ًعا للشك‪ .‬فمث ًل‪،‬‬
     ‫بل نتا ًجا لعملية مرتبطة‬          ‫بنفس الطريقة التي تقوم‬           ‫إحصاء عدد أنواع القافية‬
    ‫بالأدوات التي تستخدمها‬              ‫بها نویفرت‪ .‬ولتحديد‬              ‫في الفترات المكية المبكرة‬
 ‫عو ًضا عن الأدوات الحيادية‬         ‫مواقع الانتقالات والفواصل‬        ‫والوسطى والمتأخرة قد يقل‬
                                      ‫بين أقسام السور‪ ،‬ينبغي‬          ‫مدلوله عندما ندرك حدوث‬
             ‫وغير المتحيزة‪.‬‬                                             ‫تط ُّور في الأسلوب بداخل‬
   ‫وحتى وراء ذاتية التحديد‬                                              ‫كل من تلك الفترات‪ .‬إذن‪،‬‬
                                                                       ‫أين يقيم المرء الحدود بين‬
       ‫لأقسام سورة معينة‪،‬‬                                             ‫المكي المبكر والمكي الأوسط‬
      ‫فإن إدراك أن التعريف‬                                           ‫والمكي المتأخر في خضم ذلك‬
  ‫البنيوي ينطوي على تفسير‬                                             ‫التط ُّور المستمر من السورة‬
   ‫المضمون‪ ،‬تترتب عليه آثار‬                                             ‫إلى السورة؟ وهذا الغياب‬
      ‫مهمة؛ فمحاولة تقسيم‬                                             ‫للخطوط الفاصلة الواضحة‬
  ‫آيات السورة إلى مجموعات‬                                              ‫بين المراحل الزمنية يجعل‬
   ‫متماسكة وذات دلالة‪ ،‬إنما‬
‫هي في الأصل اجتهاد لتحديد‬
 ‫الحدث المحوري لتلك الآيات‪،‬‬
    ‫وهذا يعد اختزا ًل لمحتوى‬
   164   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174