Page 173 - m
P. 173

‫حول العالم ‪1 7 1‬‬                   ‫إن وضع القرآن‬        ‫للقرآن‪ ،‬فإننا نجد مفاهيم‪،‬‬
                                  ‫بين المسلمين‪.‬‬        ‫مثل‪« :‬اللوح المحفوظ» و «أم‬
    ‫القرن السابع‪ ،‬نظ ًرا لأنها‬     ‫بوصفه نموذج‬
 ‫تشير إلى صلوات المجتمعات‬                                 ‫الكتاب» غير منفصلة عن‬
 ‫المسيحية واليهودية المجاورة‬        ‫اللغة العربية‬       ‫القرآن ولها معا ٍن جوهرية‬
                                           ‫المثالية‪،‬‬   ‫يشير بعضها إلى مكتوبيتها‪.‬‬
   ‫(وهي مسألة سأعود إليها‬                 ‫بالإضافة‬
    ‫بعد قليل) وتناقش الفرق‬                                 ‫وحتى بمراعاة مركزية‬
    ‫بين القرآن بوصفه عملية‬            ‫إلى مركزيته‬     ‫وأهمية شفاهية القرآن‪ ،‬فإننا‬
‫شفاهية وبين المصحف‪ ،‬ولكن‬            ‫المستمرة في‬
  ‫أعني أن تركيزها على البنية‬      ‫لغة حية لأربعة‬        ‫ما زلنا بصدد سؤال‪ :‬كيف‬
 ‫يعامل القرآن كنص معقد لا‬         ‫عشر قر ًنا يعني‬      ‫يمكن لتحليل القرآن بوصفه‬
   ‫تفهم أبنيته إ ّل استكشافيًّا‪،‬‬  ‫وجود مستويات‬        ‫ن ًّصا شفاهيًّا متل ًّوا أن يختلف‬
                                    ‫دائمة الزيادة‬
       ‫أي من خلال الطريقة‬           ‫نأتي بها إلى‬            ‫عن مقاربته في صيغته‬
     ‫العلمية المزعومة للتحليل‬      ‫قراءتنا للقرآن‪،‬‬                      ‫الكتابية؟‬
  ‫الطروبولوجي‪ .‬وهكذا‪ ،‬فمن‬          ‫حتى وإن ظننا‬
 ‫المفارقة أن نويفرت ما زالت‬                             ‫ما معنى ‪-‬إذن‪ -‬القول بأن‬
     ‫مرتبطة بمرحلة تاريخية‬               ‫أن كل ما‬      ‫القرآن إنما هو نص شفاهي‬
     ‫ُتظهر اللغة نظا ًما بسي ًطا‬  ‫نبغيه هو فهم‬
     ‫من المدلولات التي يمكن‬       ‫المعنى الحرفي‬          ‫بالضرورة؟ هيكلة القرآن‬
 ‫تفسيرها‪ ،‬ووسيلة توصيلية‬          ‫للآيات؛ ومحاولة‬          ‫كنص شفاهي لا يجعله‬
‫كفؤة‪ .‬وهذا يستدعي السؤال‬          ‫تجاهل التفسير‬
  ‫المحير حول جمع الأصول‪،‬‬                               ‫معقو ًل‪ .‬البلاغة نفسها نتاج‬
    ‫وحول الوقت السابق على‬              ‫بغية إعادة‬          ‫لشيء ما‪ ،‬على المستوى‬
 ‫القرآن‪ ،‬وحول اللغة العربية‪،‬‬       ‫هيكلة الشكل‬
‫وحتى حول المعضلة الفلسفية‬                              ‫الأساسي نتاج بنية بلاغية‪،‬‬
                                         ‫الشفاهي‬          ‫وعندما يقرأ المرء القرآن‬
         ‫للغة بشكلها الحالي‪.‬‬                 ‫الأصلي‬
     ‫وبعبارة أخرى‪ ،‬يفترض‬                              ‫باللغة العربية‪ ،‬فإنه في البنية‬
      ‫تحليل نويفرت اتصا ًل‬           ‫للقرآن ذهن ًّيا‬    ‫البلاغية بالفعل‪ ،‬تلك البنية‬
      ‫مباش ًرا بلا وساطة مع‬            ‫تعد مهمة‬         ‫القرآنية المزعومة المؤسسة‬
  ‫القرآن‪ ،‬ولكن من المستحيل‬               ‫مستحيلة‪.‬‬        ‫لتكون مفتاح فهم للقرآن‪.‬‬
   ‫الوصول إلى قراءة من هذا‬                                  ‫وإذا كانت تلك محاولة‬
   ‫النوع‪ ،‬فإننا نفهم ما يعنيه‬                              ‫للوصول إلى المقصد من‬
    ‫استخدام القرآن مفردات‬                                ‫القرآن فكيف بإمكان هذه‬
     ‫معينة عن طريق تفاسير‬                               ‫النظرية أو خلافها توضيح‬
     ‫الأجيال السابقة‪ ،‬وحتى‬
     ‫إذا كان القارئ غير ملم‬                           ‫المعنى الذي تسعى إلى كشفه‬
     ‫بالتفسير‪ ،‬فإن الوصول‬                                          ‫دون تحطيمه؟‬
     ‫إلى معاني الكلمات يأتي‬
      ‫عن طريق اللغة المُعاشة‬                                ‫يعالج التحليل البنيوي‬
      ‫والمستخدمة‪ .‬إن وضع‬                               ‫الذي تقدمه نويفرت القرآن‬
‫القرآن بين المسلمين‪ .‬بوصفه‬                              ‫بوصفه وثيقة المصحف في‬
                                                         ‫هذه الحالة؛ لكي نستخدم‬

                                                          ‫المصطلحات التي تطبقها‬
                                                             ‫لاح ًقا‪ ،‬دون النظر إلى‬

                                                      ‫الملابسات التي نشأ في ظلها‪.‬‬
                                                         ‫لا أعني بذلك أنها تتجاهل‬
                                                        ‫بيئة شبه جزيرة العرب في‬
   168   169   170   171   172   173   174   175   176   177   178