Page 175 - m
P. 175

‫حول العالم ‪1 7 3‬‬

‫ميشيل كويبرس‬  ‫كلود ليفي شتراوس‬      ‫طه حسين‬                             ‫هو تجاهل للأدلة المهمة‬
                                                                    ‫المتعلقة بمعنى الكلمة والبنية‬
  ‫يتعلق بمسألة الصرف في‬                 ‫ولكن يتضح إلى حد كبير‬      ‫النحوية‪ .‬وإذا كان القرآن أحد‬
    ‫سورة الإخلاص كمثال‪،‬‬             ‫أنها ناشئة عن أفكار نويفرت‬
  ‫من الممكن تطوير نقد ليس‬           ‫حول الصورة التي (يتوجب)‬            ‫ركائز القواعد النحوية في‬
‫سلبيًّا تما ًما ولا اعتباطيًّا على‬                                 ‫اللغة العربية‪ ،‬فليس سه ًل أن‬
‫نحو مستخف‪ ،‬بل نقد ُيظهر‬                ‫على القرآن أن يبدو عليها‪.‬‬
‫كيف يمكن لتطلعاتنا البلاغية‬          ‫في هذا الصدد‪ ،‬يتم تذكيرنا‬        ‫يخلص المرء إلى أن آية منه‬
   ‫المزعومة في هذه السورة‬            ‫بضرورة أن يكون لدينا فهم‬         ‫غير خاضعة لتلك القواعد‪.‬‬
 ‫بالذات أن تكون غامضة أو‬                                              ‫وحتى فيما يتجاوز مسألة‬
‫غير حاسمة؛ ببساطة لأننا لا‬              ‫أكثر تعقي ًدا لما هو مشكل‬
‫يمكننا صوغ نظرية للأنماط‬                ‫في الفكر الثنائي؛ فالفصل‬        ‫ما إذا كان استخدام أحد‬
  ‫البلاغية واتهام القرآن بعد‬         ‫التام بين الكتابة والشفاهية‪،‬‬  ‫(غريبًا) أو يستدعي الملاحظة‬
 ‫ذلك بعدم تطبيقها على نحو‬           ‫والملاءمة والخروج على قواعد‬    ‫بأي شكل‪ ،‬فمن المهم ملاحظة‬
                                       ‫الصرف والحدود ‪-‬كما في‬        ‫أن نويفرت ترى أن شفاهية‬
                    ‫سليم‪.‬‬               ‫تأطير أقسام السور‪ -‬هو‬      ‫القرآن تقدم أدلة على التناص‬
                                     ‫تحليل قوي؛ غرضه مواجهة‬         ‫في القرآن مع النصوص ذات‬
      ‫***‬
                                         ‫التعقيد النصي؛ فالفكرة‬      ‫الأصل اليهودي‪ /‬المسيحي‬
    ‫لقد رأينا تشبث التحليل‬            ‫الرئيسة هنا ليست محاولة‬             ‫على وجه الخصوص‪،‬‬
  ‫البنيوي بالاتصال المنهجي‬          ‫تقليص أي نوع من التحليلات‬
                                        ‫إلى مجموعة من الثنائيات‬          ‫وتورط نويفرت نفسها‬
   ‫مع القرآن مباشرة‪ ،‬ومن‬               ‫المحددة سل ًفا‪ ،‬بل تكمن في‬        ‫في إبستمولوجيا خطرة‬
      ‫الذكاء استبعاد التقليد‬                                       ‫باقتراحها وجود إستراتيجية‬
                                         ‫البدء بأوجه التمييز هذه‬    ‫مفاوضة وتصحيح تفسيري‬
    ‫التفسيري لتجنب التأثر‬               ‫لتحري التعقيدات النصية‬           ‫لجعل القرآن ورسالته‬
                                        ‫على مستويات أعلى‪ .‬ففيما‬     ‫مقبولين لدى جمهور أوسع؛‬
                                                                       ‫جمهور يهودي بالتحديد‪.‬‬
                                                                      ‫ماذا يمكننا القول عن هذه‬
                                                                    ‫الدعوى؟ فهي تفترض حاجة‬
                                                                    ‫القرآن الظرفية (لبيع) نفسه‬
                                                                       ‫وتغيير رسالته من خلال‬
                                                                     ‫صياغته وتقديم ما ستتقبله‬
                                                                    ‫القبائل اليهودية المحلية‪ .‬ولا‬
                                                                      ‫يبدو فعل المثل للمسيحيين‬
                                                                   ‫بالأمر المهم‪ ،‬رغم أن نويفرت‬
                                                                      ‫ترى في الآيتين اللاحقتين‬
                                                                     ‫تناق ًضا مباش ًرا مع العقيدة‬
                                                                     ‫النيقيية‪( :‬لم يلد ولم يولد)‪،‬‬
                                                                   ‫كمقابل لـ‪« :‬بر ٍّب واح ٍد يسوع‬
                                                                         ‫المسيح ابن الله الوحيد‪،‬‬
                                                                     ‫المولود من الآب»‪ .‬ولا يبدو‬
                                                                       ‫أن هذه الحاجة المفترضة‬
                                                                      ‫ناشئة عن السورة نفسها‪،‬‬
   170   171   172   173   174   175   176   177   178   179   180