Page 174 - m
P. 174

‫العـدد ‪58‬‬                             ‫‪172‬‬

                              ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬                      ‫نموذج اللغة العربية المثالية‪،‬‬
                                                                     ‫بالإضافة إلى مركزيته‬
‫في ن ٍّص آخر؛ وبمجرد تحديد‬       ‫وظهرت في هيئة جديدة لا‬
    ‫ذلك النص فإ َّن الإشارة‬     ‫تزال رغم ذلك تردد صدى‬          ‫المستمرة في لغة حية لأربعة‬
                                 ‫هيئتها الصوتية والبلاغية‬           ‫عشر قر ًنا يعني وجود‬
  ‫المزدوجة هذه تتضح تما ًما‬
   ‫بفضل شكلها الذي يشير‬           ‫«ما قبل القرآنية»‪ .‬ووف ًقا‬  ‫مستويات دائمة الزيادة نأتي‬
‫وحده إلى مجموعة أخرى من‬       ‫لنويفرت‪ ،‬فكل سمات الصلاة‬         ‫بها إلى قراءتنا للقرآن‪ ،‬حتى‬
                                                               ‫وإن ظننا أن كل ما نبغيه هو‬
                  ‫القواعد»‪.‬‬    ‫اليهودية والعقيدة المسيحية‬        ‫فهم المعنى الحرفي للآيات؛‬
  ‫تنطلق نويفرت من تعريف‬           ‫النيقيية حاضرة بقوة في‬
   ‫ريفاتير الذي تراه مناسبًا‬      ‫سورة الإخلاص‪ .‬وتدعم‬             ‫ومحاولة تجاهل التفسير‬
                                                                   ‫بغية إعادة هيكلة الشكل‬
      ‫لهذا المثال‪ ،‬وتعتقد أن‬   ‫ذلك التأكيد بوضعها جدو ًل‬           ‫الشفاهي الأصلي للقرآن‬
       ‫استخدام كلمة «أحد»‬         ‫لمقارنة التعبيرات الثلاثة‬      ‫ذهنيًّا تعد مهمة مستحيلة‪.‬‬
      ‫يستدعي التساؤل كما‬                                            ‫تتناول نويفرت مسألة‬
    ‫يحتاج إلى تبرير معقول؛‬      ‫للعقيدة الدينية‪ ،‬وبإشارتها‬        ‫شفاهية القرآن مجد ًدا في‬
   ‫أما التبريرات التي تقدمها‬      ‫إلى عدم الخضوع لقواعد‬          ‫ورقة بحثية حديثة‪ ،‬وفيها‬
  ‫فهي القافية حيث تتناسب‬                                       ‫لا تغير جدالها الأصلي حول‬
      ‫قافية «أحد» مع إيقاع‬      ‫الصرف الذي تراه في كلمة‬        ‫الطبيعة الشفاهية للنص‪ ،‬بل‬
    ‫السورة خلا ًفا لـ»واحد»‬     ‫(أحد) في سورة الإخلاص‪.‬‬         ‫تركز على شرح سبب أهمية‬
    ‫وصدى الصيغة الموازية‬        ‫ولا تقول السبب وراء كون‬            ‫هذه الشفاهية من وجهة‬
   ‫لها؛ ولا يتضح لماذا يجب‬                                         ‫نظرها‪ ،‬خاصة في سياق‬
  ‫أن يكون كلاهما صحي ًحا‪.‬‬           ‫هذه الكلمة خارجة عن‬           ‫علاقة الإسلام باليهودية‬
    ‫بعبارة أخرى‪ ،‬هل يمكن‬          ‫القواعد‪ ،‬كما أنه لا يظهر‬      ‫والمسيحية‪ .‬وفي ذلك البحث‬
 ‫لأحد السببين أن يكون غير‬       ‫على الفور ِ َل يجب اعتبارها‬    ‫كما في سائر كتاباتها تجري‬
  ‫كا ٍف للتسبب في استخدام‬       ‫كذلك‪ ،‬هل الأمر يتعلق فقط‬       ‫نويفرت مقارنات شكلية مع‬
  ‫كلمة أحد؟ هل توجد حتى‬         ‫بالاستخدام المعلوم المحتمل‬      ‫نصوص مقدسة إبراهيمية‬
  ‫إشارات إلى أن استخدامها‬           ‫لكلمة أحد؟ هل السؤال‬         ‫أخرى‪ ،‬وكما أشرنا سل ًفا‪،‬‬
  ‫هذا يستدعي الملاحظة من‬         ‫يدور حول موضع الكلمة‬         ‫ترى نویفرت أصداء طقوس‬
    ‫البداية؟ تتجاهل نويفرت‬      ‫في الجملة؟ وتبني حجاجها‬       ‫العبادة التوحيدية (المسيحية‪/‬‬
    ‫تلك الأسئلة‪ ،‬وتعتمد على‬    ‫على تعريف البنيوي ميشيل‬            ‫اليهودية) في أبنية بعض‬
‫تشابه سماعي ضعيف وغير‬               ‫ريفاتير لعدم الخضوع‬          ‫السور‪ .‬ورغم أنها تتناول‬
  ‫موضوعي‪ .‬وتشير المعاجم‬           ‫للقواعد الصرفية بوصفه‬       ‫شفاهية القرآن في هذا البحث‪،‬‬
  ‫العربية إلى أن لكل من أحد‬                                      ‫فما زالت تعود إلى التحليل‬
 ‫وواحد المعنى نفسه‪ ،‬وحتى‬            ‫غرابة في لحظة نصيَّة‪،‬‬         ‫البنيوي للتناص المفترض‬
   ‫إذا كان الاستخدام الحالي‬      ‫والتي تشير سيميولوجيًّا‬        ‫مستخدمة سورة الإخلاص‬
 ‫يفرق بينهما‪ ،‬فاستخدامهما‬        ‫إلى نص آخر يق ِّدم بدوره‬       ‫مثا ًل لذلك‪ ،‬وتقترح أن هذه‬
‫في القرن السابع كان واح ًدا‪.‬‬     ‫المفتاح لفهمه‪ .‬وتناقش أن‬        ‫السورة مثال على التشرب‬
     ‫ذلك النوع من التساؤل‬     ‫ذلك النوع من عدم الخضوع‬         ‫القرآني للتقاليد السابقة التي‬
‫التاريخي اللغوي يؤكد القلق‬        ‫للقواعد الحادث في النص‬          ‫نقلت شفاهية في وسطها‬
     ‫من أن النظر إلى القرآن‬   ‫الذي بين أيدينا يمكن تحديده‬     ‫‪-‬واعتمدها المجتمع القرآني‪-‬‬
‫بمفرده بعي ًدا عن أي مصادر‬
 ‫ذات صلة به‪ ،‬مثل التفسير‪،‬‬           ‫بـ(الإشارة المزدوجة)‬
                                    ‫لريفاتير‪ ،‬وتقتبس منه‪:‬‬
                              ‫«إنها تقوم بعمل «التورية»‪..‬‬
                              ‫فتدرك على أنها خروج صرفي‬
                                  ‫بسيط‪ ،‬إلى أن ُيكشف عن‬
                              ‫وجود الكلمة مطابقة للقواعد‬
   169   170   171   172   173   174   175   176   177   178   179