Page 177 - m
P. 177

‫حول العالم ‪1 7 5‬‬                  ‫تاري ًخا طوي ًل من التفسير‬        ‫بعض مفاتيح فهم القرآن‬
                               ‫آي ًة بآية بالإضافة إلى مناقشة‬         ‫على مستوى تأسيسي‪،‬‬
  ‫في مجال الدراسات القرآنية‬    ‫حول وضع القرآن‪ ،‬متضمنة‬
 ‫إلى ما بعد البنيوية على نفس‬   ‫طبيعة أصله الإلهي وإعجازه‪.‬‬         ‫والواقع أن التحليل البنيوي‬
  ‫المسار الذي سلكته مجالات‬                                           ‫بسبب تركزه على شكل‬
                                 ‫وبإمعان النظر نجد أن تلك‬
    ‫أخرى‪ .‬ولسنا في موضع‬           ‫المناقشات قد جرت ضمن‬             ‫النص متجاه ًل سبر أغوار‬
     ‫لوصف هذا المسار‪ ،‬لكنه‬        ‫حقبة تاريخية ثرية بالفكر‬        ‫مناحيه الأخرى يبدو شديد‬
  ‫طريقة للتساؤل عن شروط‬          ‫الإسلامي والعربي المختلف‬
 ‫تحليل بنيوي متطور‪ .‬فأنا لا‬       ‫تما ًما عن الفكر الأوروبي‬           ‫التجريبية‪ ،‬وهي تجربة‬
‫أود اقتراح أن هذا هو الاتجاه‬       ‫على مر التاريخ‪ .‬وبمجرد‬            ‫مثيرة للاهتمام لنرى ما‬
‫الوحيد الذي يمكن أن يسوقنا‬     ‫توقفنا عن تعليق هذا التقليد‪،‬‬     ‫تسفر عنه دراسة القرآن على‬
    ‫إليه مثل هذا الاستنطاق‪.‬‬       ‫فقد يكون بمقدورنا كسب‬          ‫نطاق محدود نسبيًّا باعتباره‬
‫بسبب السمات الفريدة لمجال‬         ‫رؤية يمكن الاعتماد عليها‬          ‫منظومة شكلية‪ .‬وعلى أية‬
 ‫الدراسات القرآنية على وجه‬      ‫في مستقبل التأويل القرآني‪،‬‬         ‫حال‪ ،‬فاستنتاجات دراسة‬
  ‫الخصوص‪ ،‬يمكن أن يكون‬             ‫وهي رؤية معروفة جي ًدا‬         ‫من هذا النوع محدودة على‬
 ‫هذا المنعطف فرصة لصياغة‬          ‫لدى الباحثين الذين أجروا‬           ‫نحو مساو‪ ،‬خاصة فيما‬
     ‫مقاربات إبداعية خلاقة‪،‬‬     ‫تحليلات بنيوية لكن ن ُّحوها‬       ‫يتعلق بأوجه القصور التي‬
    ‫أو على الأقل لإعادة تقييم‬  ‫جانبًا في محاولتهم أن يكونوا‬           ‫كشف عنها هذا البحث‪،‬‬
 ‫كيفية توليف المناهج المختلفة‬                                    ‫ويجب اعتبارها كذلك ضمن‬
‫المستخدمة بالفعل أو الاعتماد‬         ‫علميين وحياديين‪ .‬لقد‬            ‫مجموعة من التفسيرات‬
 ‫عليها بشكل انتقائي من أجل‬      ‫هدفت إلى التشكيك في أسس‬              ‫والتحليلات التي أجريت‬
   ‫استخدام الجوانب الأفضل‬                                       ‫ساب ًقا‪ .‬وإذا ألقينا نظرة أشمل‬
  ‫لتلك الأدوات بإدراك جديد‬        ‫التحليل البنيوي لنويفرت‪،‬‬          ‫سيكون بمقدورنا الاتفاق‬
‫لحدودها‪ .‬هذه السمة الفريدة‬       ‫ومدى قدرة هذا المنهج من‬           ‫مع ولفرد كانتويل سميث‬
      ‫ذات أهمية خاصة لأنها‬       ‫الدراسة القرآنية على تقديم‬        ‫أن معنى القرآن هو تاريخ‬
‫تختلف عن الخطابات الغربية‬         ‫رؤية للمعاني التي يحملها‬          ‫معانيه‪ ،‬فالتحليل البنيوي‬
      ‫التي ولد الفكر البنيوي‬                                    ‫ليس أكثر دقة أو تأسيسية أو‬
                                    ‫القرآن‪ .‬على ك ٍّل‪ ،‬فالتلقي‬  ‫أهمية من الدراسات الأخرى‪.‬‬
          ‫الغربي من رحمها‬         ‫النقدي للتحليلات البنيوية‬          ‫والتفاسير الحديثة تتبع‬
                                  ‫للقرآن لا تقود بالضرورة‬

                                                                                     ‫‪------‬‬
    ‫(*) راشيل فريدمان (‪)Rachel Friedman‬؛ ُمد ّرس في برنامج اللغة العربية والثقافات الإسلامية‬
‫بجامعة كالجاري (‪ )University of Calgary‬منذ عام ‪ .2017‬حصلت على درجة الدكتوراه في دراسات‬

       ‫الشرق الأدنى من جامعة كاليفورنيا‪ ،‬بيركلي (‪ .)University of California, Berkeley‬تشمل‬
‫اهتماماتها علم أصول التدريس في اللغة العربية‪ ،‬والأدب العربي الكلاسيكي‪ ،‬والفكر الإسلامي‪ .‬تشارك‬
‫راشيل في مجالات تعاون متعددة التخصصات‪ ،‬وأحد معتقداتها التربوية المركزية هو أنه يجب تدريس‬

  ‫اللغة والثقافة م ًعا لأنهما مرتبطان ارتبا ًطا وثي ًقا ببعضهما البعض‪ ،‬فاللغة هي حامل الثقافة‪ ،‬كما عبَّر‬
‫عنها الكاتب الكيني نجوجي وا‪ .‬ثيونجو عام (‪ .)1986‬تنبع قراراتها التدريسية إلى حد كبير‪ ،‬من الرغبة‬

     ‫في بث تعليم وتعلم اللغة العربية وتهدف من ذلك إلى تعريف المجتمعات الغربية بالثقافات المتنوعة‬
                               ‫للمجتمعات الناطقة باللغة العربية وتفاعل المتعلمين مع هذه الثقافات‪.‬‬
                                    ‫‪ -‬المصدر‪)41857547/https://www.jstor.org/stable( :‬‬
   172   173   174   175   176   177   178   179   180   181   182