Page 214 - m
P. 214

‫العـدد ‪58‬‬                            ‫‪212‬‬

                                 ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬                      ‫البحتة والمعرفة السياسية‪،‬‬
                                                                      ‫وهو في هذا الجانب لا‬
‫المرجعية فيما بينها أو ًل ثم في‬    ‫على الخبرة الأنجلو فرنسية‬
‫الثقافة بصفة عامة بعد ذلك»‪.‬‬      ‫والأمريكية بالعرب والإسلام‪.‬‬        ‫يعترف بالبحث النزيه أو‬
                                                                    ‫الدراسة الموضوعية التي‬
    ‫(نفس المرجع‪ ،‬صص‪–68‬‬                 ‫ولما كانت علاقة الغرب‬
                       ‫‪)69‬‬         ‫بالشرق تتدخل فيها الأبعاد‬          ‫تطالب بها أو ‪-‬بمعنى‬
                                 ‫السياسية من ناحية وعلاقات‬         ‫أدق‪ -‬ت َّدعيها الأكاديميات‬
   ‫ومن الأمور اللافتة في هذا‬       ‫القوة من ناحية أخرى‪ ،‬فإن‬     ‫الأمريكية‪ ،‬خاصة فيما يخص‬
 ‫الجانب المتعلق بالمنهجية هو‬     ‫سعيد يطرح منهجه في تحليل‬         ‫البعد السياسي‪ .‬فالسياسة‬
‫وعي سعيد بأنه إنما يؤسس‬          ‫السلطة على النحو التالي‪« :‬أما‬  ‫‪-‬في كل الأحوال‪ -‬هي عنصر‬
  ‫لعلم جديد أو مجال معرفي‬
  ‫جديد يحتاج إلى جهود أكبر‬          ‫وسائلي المنهجية الرئيسية‬         ‫فاعل في البحث العلمي‪،‬‬
                                 ‫لدراسة السلطة هنا فتنحصر‬             ‫مهما حاول الباحث أن‬
     ‫من قبل باحثين آخرين‪،‬‬                                        ‫يتظاهر بعكس ذلك‪ ،‬وفي هذا‬
‫فيقول‪« :‬وكان عزائي لنفسي‬             ‫في اثنتين‪ ،‬يمكن أن نطلق‬       ‫الصدد يقول سعيد‪« :‬إنني‬
  ‫أن قلت إن هذا الكتاب حلقة‬           ‫على الأولى تعبير «الموقع‬   ‫أدرس الاستشراق باعتباره‬
                                     ‫الاستراتيجي»‪ ،‬وأعني به‬        ‫صورة للتبادل أي التفاعل‬
   ‫من حلقات‪ ،‬وآمل أن يبدي‬          ‫طريقة وصف موقع المؤلف‬        ‫الدينامي بين المؤلفين الأفراد‬
  ‫غيري من الباحثين والنقاد‬        ‫في أحد النصوص إزاء المادة‬      ‫والمشاغل السياسية الكبرى‬
‫الرغبة في حلقات أخرى‪ ..‬وقد‬           ‫الشرقية التي يكتب عنها‪،‬‬     ‫التي شكلتها الإمبراطوريات‬
  ‫يكون أهم عمل على الإطلاق‬                                         ‫العظمى الثلاث البريطانية‬
‫هو القيام بدراسات في البدائل‬            ‫والثانية هي «التشكيل‬    ‫والفرنسية والأمريكية‪ ،‬وهي‬
   ‫المعاصرة للاستشراق‪ ،‬أو‬            ‫الاستراتيجي»‪ ،‬وأعني به‬      ‫التي نبتت في تربتها الفكرية‬
   ‫التساؤل عن كيفية دراسة‬           ‫طريقة تحليل العلاقة فيما‬     ‫والإبداعية كتاباتهم»‪( .‬نفس‬
  ‫الثقافات والشعوب الأخرى‬            ‫بين النصوص‪ ،‬والوسيلة‬
 ‫من منظور تحرري أو بريء‬               ‫التي تتمكن بها مجموعة‬                  ‫المرجع‪ ،‬ص‪)٦‬‬
 ‫من القمع والتلاعب»‪( .‬نفس‬             ‫من النصوص‪ ،‬أو أنماط‬          ‫الجانب الثاني‪ ،‬هو المسألة‬
                                      ‫النصوص‪ ،‬بل وأجناس‬
           ‫المرجع‪ ،‬ص ‪)74‬‬                                               ‫المنهجية‪ ،‬وتمثل نقطة‬
     ‫الجانب الثالث‪ ،‬هو البعد‬          ‫النصوص‪ ،‬من اكتساب‬           ‫الانطلاق في البحث المتعمق‬
    ‫الشخصي‪ ،‬ونحن نعتبره‬              ‫الصلابة والكثافة والقوة‬    ‫الذي ينوي أن يجريه سعيد‪.‬‬
                                                                ‫ولما كانت المادة من الضخامة‬
                                                                  ‫بحيث لا يستطيع أن يحيط‬
                                                                  ‫بها جمي ًعا فإنه يجعل نقطة‬

                                                                    ‫البداية متمثلة في الخبرة‬
                                                                       ‫البريطانية والفرنسية‬
                                                                        ‫والأمريكية بالشرق‬

                                                                  ‫باعتبارها وحدة متماسكة‪،‬‬
                                                                 ‫إلى جانب الخلفية التاريخية‬
                                                                 ‫والفكرية التي أتاحت تكوين‬

                                                                    ‫هذه الخبرة‪ ،‬وكذلك نوع‬
                                                                    ‫وطابع هذه الخبرة‪ ،‬ليس‬
                                                                   ‫هذا فحسب بل ويقصرها‬
   209   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219