Page 217 - m
P. 217

‫‪215‬‬        ‫الملف الثقـافي‬

‫فريد إيكل‬  ‫حميد دباشي‬          ‫برنارد لويس‬                                ‫بوصفه خص ًما‪.‬‬
                                                                 ‫ويرتكز الادعاء بأن سعيد‬
   ‫الغربيين للغرب وعلاقته‬      ‫الاستشراق الكامن والظاهر‬        ‫أطلق نو ًعا جدي ًدا من دراسة‬
   ‫بالشرق‪ .‬ولكن على الرغم‬      ‫والنقد الأدبي العالمي للأدب‪.‬‬
                                                                   ‫الاستعمار إلى حقيقة أن‬
     ‫من أن تفسيرات سعيد‬        ‫من الغرب إلى الغرب‬                   ‫استشراقه يجبرنا على‬
‫الثلاثة للاستشراق (كمجال‬                                            ‫التساؤل حول دقة تلك‬
                                      ‫وكان سعيد يرى أن‬
   ‫للدراسة‪ ،‬وكمقابلة ثنائية‬       ‫الاستشراق قد ش َّكل منذ‬      ‫الصور التي يطرحها الأدب‪.‬‬
‫بين الغرب والشرق‪ ،‬وكأداة‬         ‫أواخر القرن الثامن عشر‬           ‫وينتقد سعيد من البداية‬
                                ‫أسلو ًبا غربيًّا للسيطرة على‬       ‫المفاهيم الغربية الحالية‬
   ‫للهيمنة الغربية) قد لقيت‬       ‫الشرق‪ ،‬مؤك ًدا أن دراسة‬
   ‫تأيي ًدا ونق ًدا موسعين في‬     ‫الشرق من قبل الغربيين‬         ‫(آنذاك) عن الشرق‪ ،‬معتب ًرا‬
    ‫السنوات التي تلت نشر‬        ‫كانت دائ ًما دراسة منحازة‬             ‫هذا الشرق «اخترا ًعا‬
   ‫الكتاب‪ ،‬فإن تأثير الكتاب‬
                                    ‫تدفعها أغراض الغرب‬             ‫أوروبيًّا»‪ ،‬حيث رأي أن‬
      ‫لا يرقى إليه الشك بل‬       ‫الاستعمارية وتؤسس لها‬             ‫الاستشراق لا يمكن أن‬
 ‫ويعتبر دائ ًما الأساس الذي‬      ‫وجهات نظر مسبقة تجاه‬           ‫يكون مجرد خيال أوروبي‬
 ‫تطورت عليه دراسة ما بعد‬          ‫الشرق‪ ،‬كما تتبنى نظرة‬          ‫متوهم عن الشرق‪ ،‬هو بل‬
                                                              ‫«إنه كيان له وجوده النظري‬
                ‫الاستعمار‪.‬‬          ‫دونية لشعوب الشرق‬         ‫والعملي وقد أنشأه من أنشأه‬
    ‫كان سعيد قد اعتمد في‬             ‫مهما حاولت أن تبدو‬         ‫واستثمرت فيه استثمارات‬
  ‫كتابه على نظرية فوكو في‬         ‫علمية وموضوعية‪ .‬هكذا‬          ‫مادية كبيرة على مر أجيال‬
‫الخطاب‪ ،‬حيث يفسرها بأنها‬          ‫كان كتاب «الاستشراق»‬           ‫عديدة‪ ،‬وقد أدى استمرار‬
 ‫طريقة لتنظيم المعرفة تبني‬       ‫شديد النقد لفهم المفكرين‬          ‫الاستثمار إلى أن أصبح‬
  ‫هيكل العلاقات الاجتماعية‬                                    ‫الاستشراق ‪-‬باعتباره مذهبًا‬
  ‫عبر الفهم الجمعي للمنطق‬                                       ‫معرفيًا عن الشرق‪ -‬شبكة‬
   ‫الخطابي‪ ،‬وقبول الخطاب‬                                            ‫مقبولة تسمح منافذها‬
                                                                ‫بتسريب صورة الشرق إلى‬
                                                                ‫وعي الغربيين‪ ..‬الامبريالية‬
                                                              ‫السياسية تحكم مجا ًل كام ًل‬
                                                                    ‫من الدراسات والإبداع‬
                                                                 ‫والمؤسسات البحثية»‪ .‬كما‬
                                                                   ‫يعترف بوجود أكثر من‬
                                                                  ‫فهم للاستشراق تتداخل‬
                                                                    ‫م ًعا لتحقق الاتساق في‬
                                                                 ‫النظرية‪ ،‬وهي تدور حول‬
                                                                ‫كون الاستشراق تخص ًصا‬
                                                               ‫أكاديميًّا وعلاقة بين الشرق‬
                                                              ‫والغرب وأداة للهيمنة الغربية‬
                                                               ‫في ذات الوقت‪ .‬ونرى ضمن‬
                                                                ‫هذه التعريفات أي ًضا أفكا ًرا‬
                                                                  ‫رئيسية مثل التمييز بين‬
   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221   222