Page 216 - m
P. 216

‫العـدد ‪58‬‬                                                            ‫‪214‬‬

                                  ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬

 ‫الجديد» كحقل بحثي منفرد‬               ‫سادت في العقدين‬          ‫د‪.‬كمال‬‫الاستشراق الجديد‪..‬‬
       ‫تحتم تناول الموضوع‬                                       ‫المصري‬    ‫وأطروحات الإمبريالية‪ ‬الجديدة‬
                                           ‫الأخيرين تصورات‬
  ‫بشكل مغاير‪ .‬في هذا المقال‬           ‫المستشرقين الأمريكيين‬
 ‫نستكشف م ًعا ظاهرة القرن‬
  ‫الحادي والعشرين المسماة‬                  ‫الجدد في السياسة‬
  ‫«الاستشراق الجديد»‪ ،‬وهو‬               ‫والصحافة حول العالم‬
                                  ‫العربي‪ ،‬وتحدي ًدا منذ الحادي‬
    ‫أسلوب تمثيل يركز (من‬             ‫عشر من سبتمبر ‪.2003‬‬
   ‫وجهة نظر الغربيين) على‬              ‫وكانت التصورات التي‬
   ‫«الآخر» الموجود في العالم‬      ‫سادت في الكتابات الأمريكية‬
   ‫العربي مع استبعاد بعض‬             ‫منذ الظهور الأول للشرق‬
                                  ‫الأوسط خلال القرن التاسع‬
     ‫الأجزاء الجغرافية‪ ،‬مثل‬          ‫عشر قد ظلت ثابتة طوال‬
    ‫الهند وتركيا‪ ،‬من خريطة‬              ‫ما يقارب القرنين‪ ،‬فلم‬
    ‫الاستشراق الكلاسيكية‪.‬‬          ‫يتغير منها شيء‪ .‬كان كتاب‬
                                  ‫إدوارد سعيد «الاستشراق»‬
 ‫«استشراق» سعيد‪..‬‬                    ‫(الصادر بالإنجليزية عام‬
     ‫مقدمة لازمة‬                    ‫‪ )1978‬أول محاولة نقدية‬
                                   ‫للتفاعل مع تلك التصورات‪،‬‬
    ‫عندما نشر إدوارد سعيد‬             ‫لكن بعد خمس وأربعين‬
  ‫كتابه «الاستشراق» أصبح‬             ‫عا ًما من الدراسات في ظل‬
  ‫المن ِّظر الأدبي البارز لجيله‪،‬‬    ‫أحداث عاصفة في كل بقعة‬
  ‫إذ كتب النص الفارق الذي‬             ‫من بقاع الشرق ربما لم‬
  ‫يحلل العالم الغربي ما بعد‬         ‫يعد كتاب سعيد هو الخيار‬
                                       ‫المثالي لتناول الموضوع‪.‬‬
    ‫الاستعمار‪ ،‬والذي حاول‬           ‫كان «الاستشراق» في زمن‬
 ‫فيه أن يصل إلى نتيجة عا َّمة‬      ‫صدوره هو الكتاب المناسب‬
                                   ‫في الوقت المناسب وللمؤلف‬
   ‫مفادها هو بطلان الحقائق‬              ‫المناسب أي ًضا‪ ،‬فسعيد‬
   ‫التي يق ِّدمها المستشرقون‬        ‫يبحث في الكتاب عن جذور‬
    ‫انطلا ًقا من قاعدة بنيو َّية‬       ‫الصور النمطية الغربية‬
 ‫ترى أ َّن ك َّل معرفة هي نتاج‬        ‫عن الشرق غير العقلاني‬
  ‫سلطة ما‪ ،‬والسلطة لا تنتج‬           ‫المولع بالأساطير‪ ،‬الشرق‬
  ‫معرفة من أجل المعرفة‪ ،‬بل‬          ‫المتخلف الذي يتبنى العنف‬
‫تنتج معرفة من أجل المصلحة‬            ‫في مقابل الغرب العقلاني‪،‬‬
  ‫والهيمنة‪ .‬وهذا يقود عمليَّة‬          ‫الغرب المدني المتحضر‪.‬‬
   ‫التَّحليل إلى خطوة إضافية‬           ‫لكن التصورات الغربية‬
   ‫ترى أ َّن الاستشراق يعبِّر‬           ‫الجديدة التي أصبحت‬
  ‫عن «معرفة السلطة» لا إلى‬           ‫تأخذ مسمى «الاستشراق‬

     ‫«سلطة المعرفة»‪ ،‬بمعنى‬
       ‫أ َّن إنتاج المستشرقين‬

  ‫يدخل ضمن لعبة التم ُّثلات‬
      ‫والتمثيلات الرامية إلى‬
      ‫تشويه الآخر الشرقي‬
   211   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221