Page 257 - m
P. 257

‫الملف الثقـافي ‪2 5 5‬‬

     ‫أما فيما يخص الكتابات‬            ‫ألونسو زامورا فيسنتي‪،‬‬      ‫الإسبانية‪ ،‬ومن ثم ولد ذلك‬
 ‫العربية المختلفة‪ ،‬فلقد دونها‬           ‫إلى جانب ألبرتو كانتو‬      ‫الحب لاكتشاف ما تكتنزه‬
  ‫من خلال العديد من الكتب‬                                          ‫الكتابات العربية من مادة‬
                                     ‫غارسيا في قاموسه حول‬        ‫تاريخية‪ .‬ظل كوديرا يجوب‬
    ‫والمقالات والتي توجد في‬          ‫السيرة الذاتية للأكاديمية‬    ‫أعرق الجامعات الإسبانية‪،‬‬
     ‫نشرة الأكاديمية الملكية‬         ‫الملكية للتاريخ‪ ،‬على عظمة‬     ‫وفي عام ‪ 1872‬حصل على‬
 ‫للتاريخ‪ ،‬بالإضافة إلى العمل‬       ‫الشخصية العلمية التاريخية‬    ‫كرسيه كمدرس للغة العربية‬
 ‫الجبار والذي تمثل في نشر‬            ‫لفرانسيسكو كوديرا الذي‬         ‫في جامعة مدريد‪ ،‬ليلتحق‬
  ‫المجلدات العشرة الأولى من‬         ‫أسس لحياة علمية تاريخية‬       ‫فيما بعد بالأكاديمية الملكية‬
   ‫المكتبة العربية‪ -‬الإسبانية‬          ‫جديدة بإسبانيا‪ ،‬فالربع‬
   ‫بين عامي ‪ 1882‬و‪،1895‬‬               ‫الأخير من القرن التاسع‬                       ‫للتاريخ‪.‬‬
    ‫وكما يروي المؤرخ كانتو‬        ‫عشر وبداية القرن العشرين‪،‬‬        ‫عمل أستا ًذا مدر ًسا لأكثر‬
‫غارسيا‪ ،‬فلقد تم تحقيق هذه‬           ‫وبفضله حدثت نقلة نوعية‬        ‫من لغة‪ ،‬اليونانية والعبرية‬
   ‫المهمة التحريرية العظيمة‪،‬‬      ‫وجديدة في الدراسات العربية‬
     ‫نظ ًرا لأن حجم الأوراق‬                                          ‫والعربية على التوالي في‬
   ‫المؤلفة قد تعدى الخمسين‬              ‫والإسلامية‪ ،‬وذلك من‬     ‫جامعات غرناطة وسرقسطة‬
     ‫ألف ورقة‪ ،‬وهذا بفضل‬          ‫خلال تركيزه على العديد من‬
   ‫مساعدة أتباع كوديرا من‬         ‫المصادر والمخطوطات العربية‬          ‫والجامعة المركزية‪ ،‬من‬
    ‫الباحثين والطلاب‪ ،‬ضف‬          ‫التي عمل هو ومساعدوه من‬            ‫خلال أعماله برز بشكل‬
 ‫إلى ذلك أن بيت كوديرا كان‬         ‫المستعربين على ترجمتها ثم‬       ‫أساسي كمستعرب‪ ،‬خلف‬
     ‫مخب ًرا علميًّا لهذه المهمة‬                                 ‫أستاذه باسكوال غايانغوس‬
‫التاريخية الفريدة من نوعها‪.‬‬                ‫دراستها وتحليلها‪.‬‬      ‫في كرسي اللغة العربية في‬
                                        ‫ارتكزت فلسفة كوديرا‬       ‫الجامعة المركزية‪ ،‬ثم التحق‬
   ‫‪ -2‬مدرسة بنو‬                        ‫في الدراسات التاريخية‬       ‫بالأكاديمية الملكية للتاريخ‬
       ‫كوديرا‪:‬‬                     ‫الأندلسية على دراسة كل ما‬        ‫بشكل دائم في ‪ 20‬أبريل‬
                                     ‫اعتبر مادة تاريخية عربية‬       ‫‪ ،1879‬كما كان أكاديميًّا‬
     ‫واحدة من أهم المدارس‬            ‫وإسلامية‪ ،‬فلقد اهتم بعلم‬    ‫للغة عام ‪ ،1910‬ألقى خطا ًبا‬
   ‫العلمية الإسبانية الحديثة‬           ‫العملات العربية‪ ،‬وصب‬     ‫عنوانه أهمية المصادر العربية‬
    ‫المتخصصة في الدراسات‬              ‫كل اهتماماته على دراسة‬         ‫لمعرفة حالة المفردات في‬
    ‫الأندلسية‪ ،‬والتي لا تزال‬        ‫مختلف المصادر والكتابات‬      ‫اللغات أو اللهجات الإسبانية‬
                                     ‫العربية‪ ،‬وفي هذه المجالات‬    ‫من القرن الثامن إلى القرن‬
     ‫متواصة ومؤثرة‪ ،‬وهذا‬             ‫كانت البصمات الكوديرية‬      ‫الثاني عشر ميلادي‪ .‬والمراد‬
      ‫بفضل المؤرخين الذين‬            ‫واضحة‪ ،‬فلأكثر من قرن‬         ‫من ذلك هو تبيان ما يعنيه‬
                                    ‫كانت دراساته حول العملة‬        ‫ذلك الزخم اللغوي العربي‬
        ‫ينتسبون إليها‪ ،‬هذه‬           ‫وحيدة من نوعها‪ ،‬وهو ما‬     ‫من إرث حضاري عظيم لا بد‬
    ‫المدرسة ألقت على عاتقها‬           ‫ترجمته دراسته معاهدة‬        ‫من الوقوف عليه بالدراسة‬
 ‫مسؤولية بناء المسار العلمي‬           ‫النقود العربية الإسبانية‬
   ‫الجديد للدراسات العربية‬           ‫عام ‪ ،1879‬ويمكن زيارة‬                        ‫والتحليل‪.‬‬
   ‫والإسلامية بشكل أوسع‪،‬‬           ‫المتحف البريطاني أو جمعية‬        ‫لقب ببطريرك الدراسات‬
‫جهد امتد لأكثر من قرن‪ ،‬منذ‬        ‫النقود الأمريكية في نيويورك‬
 ‫أن وضع فرانسيسكو اللبنة‬          ‫للإطلاع على بعض مما جمعه‬            ‫العربية والإسلامية في‬
‫الأساسية له‪ ،‬خاصة بتكوينه‬                                            ‫إسبانيا‪ ،‬في كتاب تاريخ‬
                                           ‫من عملات معدنية‪.‬‬         ‫الأكاديمية الملكية للتاريخ‬
                                                                ‫لإسبانيا‪ ،‬يقف كل من المؤرخ‬
   252   253   254   255   256   257   258   259   260   261   262