Page 256 - m
P. 256

‫العـدد ‪58‬‬                                ‫‪254‬‬

                              ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬                           ‫العلمية التاريخية المضافة‪،‬‬
                                                                      ‫من حيث أنها تساعد في‬
      ‫نتساءل عن نشأة هذه‬           ‫ذيوله على كتاباتهم التي‬            ‫مراجعة البناء التاريخي‬
      ‫المدرسة‪ ،‬أهم مؤرخيها‬     ‫تأسست على مبدأ استرجاع‬
‫وكتاباتهم‪ ،‬طريقة العمل التي‬                                      ‫السابق والذي يمكن أن يكون‬
‫اعتمدت عليها‪ ،‬ما يميزها عن‬          ‫الأرض المقدسة وطرد‬              ‫مبنيًّا على مصادر إسبانية‬
‫غيرها من المدارس‪ ،‬أثرها على‬   ‫المسلمين‪ ،‬وكأني به مشروع‬             ‫فقط‪ ،‬وبالتالي كان المقصود‬
  ‫مسار الدراسات التاريخية‬                                          ‫هو التنوع الذي يساهم في‬
‫الأندلسية‪ ،‬إنجازاتها ودورها‬      ‫أمة شعاره كيف للصليب‬              ‫البناء والتركيب الجديدين‪،‬‬
   ‫في خلق الروابط الإيجابية‬    ‫أن يهزم الهلال‪ ،‬ثم المدرسة‬
 ‫بين إسبانيا والمسلمين؟ كما‬    ‫الموالية‪ ،‬والتي تأسست بعد‬         ‫فبمجرد تحليل نوعية وطبيعة‬
   ‫سنتطرق لبعض المؤرخين‬        ‫سقوط غرناطة‪ ،‬والتي ظلت‬                  ‫هذه المصادر‪ ،‬الوقوف‬
     ‫الأعمدة في هذه المدرسة‬   ‫مرتبطة في طرحها بسابقتها‪،‬‬
     ‫كنماذج وليس للحصر‪.‬‬       ‫والذي تغير فقط‪ ،‬كان الشعار‬            ‫بتمعن على الهوية العلمية‪،‬‬
                               ‫الذي أصبح هزيمة الصليب‬                  ‫الاجتماعية والسياسية‬
   ‫‪ -1‬فرانسيسكو‬                ‫للهلال‪ ،‬وواجب أخذ الحيطة‬
‫كوديرا؛ الأب الروحي‬                                                ‫للكتاب‪ ،‬ومراجعة المضمون‬
                                    ‫من محاولات المسلمين‬            ‫الذي جاءت به‪ ،‬سيمكن من‬
  ‫لمدرسة الدراسات‬                 ‫بالعودة‪ ،‬هؤلاء المسلمين‬          ‫خلق ساحة غنية بالمعطيات‬
 ‫العربية والإسلامية‪:‬‬            ‫الذين ظل فردوس الأندلس‬
                               ‫حل ًما قائ ًما وحيًّا في قلوبهم‪،‬‬      ‫المتنوعة والمادة التاريخية‬
 ‫فرانسيسكو كوديرا زايدن‪،‬‬                                          ‫الضرورية‪ ،‬والتي تساعد في‬
  ‫مستشرق متقن للعديد من‬             ‫وبالتالي كان التخويف‬           ‫نسج دراسات تحليلية أكثر‬
  ‫اللغات‪ ،‬ولد في ‪ 23‬جويلية‬         ‫والترهيب ضروريان في‬
                                ‫أجندة المؤرخ‪ ،‬إلا أن ظهور‬                 ‫علمية وموضوعية‪.‬‬
    ‫من عام ‪ 1836‬وتوفي في‬                                         ‫قبل أن ننساق إلى موضوعنا‬
    ‫السادس من نوفمبر عام‬             ‫مدرسة بنوكوديرا في‬
     ‫‪ .1917‬درس وتعمق في‬           ‫الفترات اللاحقة‪ ،‬سيغير‬               ‫والذي نتناول فيه أحد‬
  ‫اللاهوت‪ ،‬العلوم الإنسانية‬        ‫العديد من المفاهيم لدى‬              ‫أهم المدارس التاريخية‬
    ‫بعديد شعبها‪ ،‬كما درس‬      ‫الإسبان أنفسهم‪ ،‬خاصة فيما‬              ‫الإسبانية‪ ،‬والتي أحدثت‬
 ‫القانون في جامعة سرقسطة‬       ‫تعلق بجملة إسبانيا المسلمة‪.‬‬       ‫ثورة في الدراسات التاريخية‬
                                                                 ‫الأندلسية بفلسفتها الجديدة‪،‬‬
      ‫العريقة‪ ،‬أما في جامعة‬         ‫من هنا وجب علينا أن‬            ‫والمبنية على قاعدة الاطلاع‬
   ‫غرناطة فلقد تقلد كرسيي‬                                              ‫على فكر الآخر وكل ما‬
    ‫اللغتين العربية والعبرية‬                                        ‫خطته أقلامه‪ ،‬وجب علينا‬
    ‫على التوالي‪ .‬يذكر المؤرخ‬                                      ‫أن نعرج على طبيعة المصادر‬
    ‫كانتو غارسيا‪ ،‬إن أهم ما‬                                           ‫الإسبانية الأولى وهوية‬
   ‫توصل إليه المؤرخ كوديرا‬                                       ‫مؤلفيها‪ ،‬وهي المدرسة الأولى‬
 ‫هو إدراكه بأن فهم التاريخ‬                                          ‫التي تشكلت في أغلبها من‬
  ‫الإسلامي ببلاد الأندلس لا‬                                           ‫مفكرين‪ ،‬فلاسفة‪ ،‬كتاب‬
  ‫يمكن أن يتم بدون مقارنة‬                                            ‫قصر‪ ،‬سياسيين ورجال‬
 ‫المصادر العربية والمعلومات‬                                         ‫دين بالدرجة الأولى‪ .‬وهذا‬
                                                                     ‫ما يفسر العلاقة الوطيدة‬
     ‫التي تحتويها بنظيراتها‬                                             ‫والمتداخلة بين القصر‬
                                                                 ‫والكنيسة‪ ،‬ومن تم يعلل ذلك‬
                                                                     ‫التوجه العام الذي أرخى‬
   251   252   253   254   255   256   257   258   259   260   261