Page 252 - m
P. 252

‫العـدد ‪58‬‬                             ‫‪250‬‬

                                 ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬                     ‫طرحه إدوارد سعيد في كتابه‬
                                                                 ‫أن هذه الكتابات التي نشرها‬
  ‫للسيطرة على الشرق الغني‬                         ‫الذات»(‪.)2‬‬
  ‫بالثروات‪ ،‬عسكر ًّيا وثقافيًّا‬       ‫الشرق الذي تحدث عنه‬            ‫المستشرقون عن الشرق‬
‫وفكر ًّيا‪ .‬هذه الصورة النمطية‬      ‫إدوارد سعيد عندما تحدث‬             ‫كانت الحاجز الذي منع‬
  ‫تصغر الآخر وتصوره على‬                                          ‫الغرب من فهم ثقافة الشرق‬
 ‫أنه ليس مختل ًفا فقط‪ ،‬ولكنه‬            ‫عن الاستشراق شمل‬           ‫الأوسط وثقافة شرق آسيا‬
‫متخلف‪ ،‬لا يستحق أن يمتلك‬           ‫الثقافات الموجودة في آسيا‬     ‫فه ًما مبنيًّا على الواقع‪ ،‬ويذكر‬
‫الثروات الموجودة على أرضه‬                                        ‫سعيد أي ًضا أن هذه الكتابات‬
    ‫وربما يجب على الغربيين‬           ‫وشمال أفريقيا والشرق‬            ‫خلقت الكثير من الصور‬
    ‫تدجينه واستثمار ثرواته‬           ‫الأوسط‪ ،‬ولكن‪ ..‬ما الذي‬      ‫النمطية عن الشرق في الثقافة‬
 ‫بد ًل عنه‪ .‬هذه العبارات ربما‬
‫فيها بعض المبالغة في شيطنة‬              ‫يجمع كل الحضارات‬                            ‫الغربية‪.‬‬
    ‫الاستشراق‪ ،‬ولكنها تعبر‬          ‫التي ُو ِج َدت في هذا الحيز‬        ‫وفيما يرى البعض أنه‬
                                 ‫الجغرافي باستثناء كونها غير‬       ‫«لو لم يكتب إدوارد سعيد‬
    ‫إلى حد ما عن المنشورات‬        ‫غربية؟ هنا يوجه الكثيرون‬           ‫غير كتابه «الاستشراق»‬
  ‫المكتوبة أو المرئية المنتشرة‬     ‫النقد لإدوارد سعيد‪ ،‬فليس‬          ‫الصادر عام ‪ 1978‬لكفاه‬
                                   ‫هناك قواسم مشتركة بين‬         ‫ذلك شر ًفا»‪ ،‬يرى آخرون أن‬
     ‫حاليًا وتناقش موضوع‬            ‫الحضارات التي أصابتها‬          ‫هذا الكتاب «مجرد سياح ٍة‬
               ‫الاستشراق‪.‬‬                                            ‫تأملي ٍة محمل ٍة بإسقاطا ٍت‬
                                      ‫الدراسات الاستشراقية‬        ‫أيديولوجي ٍة‪ ،‬تغذيها تجارب‬
             ‫وهنا أتساءل‪..‬‬       ‫بأذاها‪ ،‬لا الدين ولا اللغة ولا‬   ‫الكاتب الشخصية‪ ،‬ولواعجه‬
‫لماذا ينشغل العرب بصورتهم‬        ‫الجغرافية‪ ،‬ألا يصح أن نقول‬
                                                                                 ‫النفسية»(‪.)1‬‬
   ‫في الغرب؟ ولماذا يح ِّملون‬       ‫ببساطة إنها كانت الآخر؟‬             ‫برغم السمعة السيئة‬
       ‫الاستشراق مسؤولية‬               ‫إذا اتفقنا جد ًل على أن‬       ‫للاستشراق إلا أن بعض‬
       ‫صورتهم «المشوهة»؟‬                                             ‫المستشرقين «المنصفين»‬
                                    ‫الغرب‪ ،‬وعبر ممثلين عنه‬              ‫كانت كتاباتهم تلاقى‬
 ‫ماذا سيحدث لو تم وصفنا‪،‬‬         ‫(المستشرقين)‪ ،‬ش َّكل صورة‬            ‫بالاحتفاء والترحاب في‬
   ‫كشعب وحضارة‪ ،‬بأبشع‬                                                ‫الأوساط العربية ومنهم‪:‬‬
                                    ‫نمطية للآخر الذي يعيش‬            ‫الألمانية آنا ماري شيمل‬
 ‫الصفات؟ ماذا سيترتب على‬             ‫في الشرق‪ ،‬هذه الصورة‬           ‫الفرنسي موريس بوكاي‬
‫ذلك؟ هل سنصبح أكثر فق ًرا؟‬            ‫مشوهة ولخلقها أهداف‬           ‫والسويسري روجيه دي‬
                                      ‫مرتبطة بمؤامرات تمهد‬        ‫باسكويه وآخرون‪ ،‬وهذا ما‬
                                                                    ‫دفع لاتهام ادوارد سعيد‬
                                                                       ‫«بمنهجية التعتيم التي‬
                                                                 ‫تتلخص بعدم إقراره بصحة‬
                                                                 ‫بعض المقولات الاستشراقية‬
                                                                 ‫التي كتبها أو يكتبها غربيون‬
                                                                   ‫أو شرقيون على الرغم من‬
                                                                   ‫إمكانية تأويل تلك المقولات‬
                                                                    ‫بما يناسب مجال مراجعة‬
   247   248   249   250   251   252   253   254   255   256   257