Page 251 - m
P. 251

‫‪249‬‬                               ‫الملف الثقـافي‬

‫الاستشراق‪ ..‬هل يجعله شكله المثير‬      ‫بوران خليل‬   ‫فكري ٌة وأسالي ُب استعماري ٌة‪،‬‬    ‫هناك من الناس من يبدو‬
   ‫للشبهات المتَّهم الجاهز دومً ا؟‬                ‫وباختصا ٍر‪ ،‬فإن الاستشراق‬
                                       ‫(سوريا)‬                                         ‫شكله مشبو ًها فيكون من‬
                                                     ‫هو أسلو ٌب غربي للهيمنة‬         ‫السهل إلقاء التهم عليه وإن‬
                                                     ‫على الشرق»‪ ،‬بينما يذهب‬         ‫كان بريئًا‪ ،‬ولكنه قد لا يكون‬
                                                   ‫بعض من يحملون توجهات‬               ‫بريئًا‪ ،‬وهنا تكمن المشكلة‪.‬‬
                                                  ‫إسلامية إلى القول بأنه توج ٌه‬       ‫متى يصبح إلقاء التهم على‬
                                                      ‫له خلفي ٌة تبشيرية يهدف‬         ‫الغرب والاستشراق مجرد‬
                                                      ‫لتشويه الإسلام‪ .‬وذهب‬            ‫كليشيهات ممجوجة ومتى‬
                                                  ‫البعض إلى أبعد من ذلك فهو‬           ‫يكون الاتهام في محله؟ هل‬
                                                  ‫عندهم الغرب المسيحي الذي‬
                                                    ‫أراد الانتقام لكل الفتوحات‬         ‫أصبح الاستشراق ح َّما ًل‬
                                                      ‫القديمة من القسطنطينية‬        ‫للتهم ومته ًما جاه ًزا يستحق‬
                                                     ‫إلى الأندلس‪ ،‬فقام بتشوي ٍه‬
                                                       ‫متعمد لصورة الإسلام‪،‬‬              ‫المحاكمة ومن ثم ايقاع‬
                                                      ‫ابتدا ًء بترجمة القرآن إلى‬               ‫العقوبة العادلة؟‬

                                                       ‫اللغة اللاتينية في القرن‬        ‫كان وجهها يتهلل بالبشر‬
                                                  ‫الحادي عشر الميلادي ترجم ًة‬          ‫كلما ذكرت كتاب «شمس‬
                                                                                       ‫العرب تسطع على الغرب»‬
                                                    ‫غير دقيقة ومسيئة‪ ،‬على يد‬
                                                   ‫راهب فرنسي يدعى بطرس‬                  ‫للكاتبة الألمانية زيغريد‬
                                                   ‫فنرابيليس أو بطرس الموقر‪،‬‬           ‫هونكه‪ ،‬إنها مدرسة اللغة‬
                                                                                    ‫العربية‪ ،‬كنت في سن المراهقة‬
                                                      ‫وانتها ًء بحملات التبشير‬          ‫ولم يتس َن لي عندها فهم‬
                                                  ‫التي كان وما زالت تنتشر في‬         ‫سبب احتفائها بذلك الكتاب‪.‬‬
                                                   ‫المجتمعات المسلمة في فترات‬       ‫ما هو ذلك السر الذي يجعل‬
                                                                                      ‫الكثيرين سعداء بالحصول‬
                                                          ‫الحروب والمجاعات‪.‬‬          ‫على هذا الختم من شخصي ٍة‬
                                                        ‫إدوارد سعيد كان أحد‬             ‫غربية على وثيقة تعترف‬
                                                      ‫الرموز الثقافية في القرن‬         ‫أننا مختلفون ولكننا لسنا‬
                                                                                     ‫سيئين؟ ولماذا ننشغل بنتاج‬
                                                          ‫المنصرم‪ ،‬وكان أول‬
                                                         ‫من استخدم مصطلح‬                           ‫الاستشراق؟‬
                                                    ‫الاستشراق سيئ السمعة‪.‬‬                   ‫ما هو الاستشراق؟‬
                                                   ‫في كتابه «الاستشراق» الذي‬            ‫ليس هناك تعريف متفق‬
                                                      ‫ُن ِش َر للمرة الأولى في عام‬  ‫عليه للاستشراق‪ ،‬فهو العلم‬
                                                  ‫‪ ،1978‬زعم سعيد أن ما كان‬               ‫بلغات الشرق وتاريخه‬
                                                    ‫ُي ْن َش ُر في الغرب عن الشرق‬        ‫في أحد التعاريف‪ ،‬وعند‬
                                                  ‫لم يكن دقي ًقا‪ ،‬كان فيه الكثير‬       ‫إدوارد سعيد هو‪« :‬مذه ٌب‬
                                                       ‫من التحامل والمغالطات‪،‬‬         ‫سياس ٌي ُفرض فر ًضا على‬
                                                      ‫ثم ذهب إلى أبعد من ذلك‬              ‫الشرق‪ ،‬ويمثل أسلو ًبا‬
                                                     ‫عندما قال إن الغرب تعمد‬        ‫للخطاب أي للتفكير والكلام‪،‬‬
                                                  ‫تشويه صورة الشرق لتبرير‬              ‫تدعمه مؤسسا ٌت وأفرا ٌد‪،‬‬
                                                  ‫استغلاله فيما بعد‪ .‬وكان مما‬            ‫وبحو ٌث علمي ٌة ومذاه ُب‬
   246   247   248   249   250   251   252   253   254   255   256