Page 246 - m
P. 246

‫العـدد ‪58‬‬                            ‫‪244‬‬

                               ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬                         ‫الإسلامية تشكل لحظة‬
                                                                ‫تاريخية لا يمكن تجاوزها‪،‬‬
    ‫ويزعم أن هؤلاء السكان‬         ‫بعض من المستعربين مثل‬         ‫ولا يمكن تغطيتها بالتعتيم‬
    ‫الأصليين المسيحيين هم‬        ‫رامون بيدال‪ ،‬حيث اهتموا‬
   ‫الذين استطاعوا بمواهبهم‬                                          ‫الإعلامي أو السياسي‪،‬‬
   ‫إغناء الحضارة العربية في‬        ‫بالبحث في جذور الثقافة‬        ‫وحضور اللغة العربية في‬
                                ‫الإسبانية‪ ،‬دون إلمام واطلاع‬       ‫الثقافة والتراث الإسباني‬
               ‫الأندلس»(‪.)4‬‬
     ‫وضع سيمونيت كتابين‬                       ‫بهذا التراث‪.‬‬         ‫واضح وجلي من خلال‬
     ‫استهدف منهما الهجوم‬       ‫أما الموقف الثالث فيظهر عند‬        ‫نسبة الكلمات العربية في‬
     ‫على الإسلام والمسلمين‬     ‫بعض المتخصصين في التراث‬           ‫اللغة الإسبانية‪ ،‬والأصول‬
  ‫وإنكار أية منجزات قام بها‬      ‫العربي والإسلامي‪ ،‬والذين‬      ‫العربية على مستوى الميراث‬
 ‫المسلمون الأندلسيون‪ ،‬كتاب‬     ‫ساهموا كثي ًرا في ابراز معالم‬   ‫البيولوجي للشعب الإسباني‬
  ‫أقرب إلى أن يكون قامو ًسا‬    ‫الحضارة العربية والإسلامية‬      ‫حاضرة على كل المستويات‪،‬‬
 ‫يحمل اسم ‪ Glosario‬يضم‬         ‫وحضورها القوي في تشكيل‬         ‫على قاعدة الاختلاط الجنسي‪.‬‬
 ‫الكلمات الأيبيرية واللاتينية‬                                     ‫ولهذا نجد داخل المدرسة‬
                                  ‫الثقافة الإسبانية‪ ،‬ومنهم‪:‬‬        ‫الاستشراقية الإسبانية‬
        ‫التي كان يستخدمها‬          ‫خولييان ريبيرا (‪-1858‬‬          ‫نماذج متباينة على قاعدة‬
    ‫المستعربون الأندلسيون‪،‬‬        ‫‪ )1934‬وإنجيل غونثاليث‬            ‫تباين الأحكام التقييمية‪،‬‬
                                 ‫بالنسيا‪ ،‬وغارسيا غوميث‪،‬‬        ‫فهناك فئة من المستشرقين‬
       ‫والهدف هو إثبات أن‬         ‫وفيرناندوا دي لا كرانجا‪،‬‬        ‫الإسبان تعصب للقومية‬
  ‫المسلمين في الأندلس كانوا‬       ‫وبيدرو منتابيث‪ ،‬وكارمن‬      ‫العرقية‪ ،‬والبعض منهم تستر‬
 ‫متأثرين بالحضارة اللاتينية‬        ‫رويث براقو‪ ،‬وبلاثيوس‪.‬‬       ‫وراء العقيدة المسيحية‪ ،‬وهم‬
‫أكثر من كونهم مؤثرين فيها‪.‬‬                                       ‫من حاولوا طمس وتغييب‬
‫أما الثاني فهو بعنوان‪ :‬تاريخ‬       ‫الموقف الأول‪:‬‬                ‫الحضور والأثر الإسلامي‬
 ‫المستعربين في إسباني ا �‪his‬‬                                   ‫في التاريخ الثقافي الإسباني‪،‬‬
 ‫‪toria de los mozarabes‬‬              ‫فرانسيسكو سيمونيه‪:‬‬          ‫وقد صنف بعض المفكرين‬
    ‫مدريد ‪ ،1897‬وقد ضمن‬         ‫‪Francisco javier simo-‬‬
  ‫كتابه الكثير من القدح لكل‬      ‫‪ net‬يذهب سيمونيه إلى أن‬            ‫هذه المدارس إلى أربعة‬
 ‫من اجتهد في بيان الحضور‬                                           ‫اتجاهات‪ ،‬الأول نظر إلى‬
  ‫العربي والإسلامي في بناء‬         ‫الإسبان هم من أثروا في‬      ‫الإسلام والعروبة وتراثهما‬
  ‫الحضارة الأوروبية‪ ،‬ومما‬         ‫الحضارة الإسلامية‪ ،‬وقد‬         ‫باستخفاف‪ ،‬واحتقار مثل‬
                                 ‫كان شديد التعصب لنزعته‬        ‫كلاوديو البرنوس (‪-1893‬‬
    ‫جاء فيه‪« :‬إذا كان العرب‬    ‫الكاثوليكية‪ ،‬ومن أهم المقالات‬     ‫‪Claudio Sán� .)19844‬‬
‫الذين أخضعوا الشام ومصر‬         ‫التي تظهر نزعته العقدية في‬        ‫‪ ،chez-Albornoz‬ومن‬
                                ‫قراءاته التاريخية للنصوص‬          ‫مؤلفاته‪ :‬إسبانيا المسلمة‬
   ‫وغيرهما من بلاد الشرق‬        ‫العربية مقال‪ :‬تأثير العنصر‬       ‫‪ ،1960‬إسبانيا والإسلام‪.‬‬
  ‫لم يستطيعوا أن يدخلوا أية‬      ‫الوطني المحلي في الحضارة‬         ‫وهو موقف نجده طبيعيًّا‬
  ‫ثقافة ذات قيمة بحكم كون‬          ‫العربية الإسبانية والذي‬    ‫بحكم الانتماء الثقافي للباحث‪،‬‬
                                                               ‫الذي يجسد انجراف الباحث‬
    ‫نصارى هذه البلاد كانوا‬             ‫يزعم فيه‪« :‬أن تفوق‬           ‫مع انتماءاته واتجاهاته‬
     ‫أرقى منهم في المستوى‬       ‫الحضارة العربية في إسبانيا‬       ‫الشخصية؛ وموقف تبناه‬

   ‫الحضاري‪ ،‬فإنهم من باب‬          ‫إنما يرجع الفضل فيه إلى‬
  ‫أولى لم يكونوا قادرين على‬        ‫العنصر المحلي الإسباني‬
                               ‫المسيحي الذي كان يسكن في‬
    ‫أن يقدموا شيئًا لنصارى‬        ‫إسبانيا قبل الفتح العربي‪،‬‬
 ‫بلاد المغرب ورثة الحضارة‬

              ‫الرومانية»(‪.)5‬‬
   241   242   243   244   245   246   247   248   249   250   251