Page 242 - m
P. 242

‫العـدد ‪58‬‬                                                      ‫‪240‬‬

                                 ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬                                             ‫شريف الدين‬
                                                                                         ‫بن دوبه‬
 ‫البشرية في البناء الحضاري‬              ‫مدخل‪:‬‬                     ‫الاستعراب الإسباني‬
‫والثقافي للحضارة الإنسانية‪،‬‬                                           ‫والبحث عن الموضوعية‬‫(الجزائر)‬
 ‫فالإنسان أخ للإنسان‪ ،‬وهو‬              ‫الباحث في تاريخ‬

  ‫إن لم يكن أ ًخا له في الدين‪،‬‬       ‫الشعوب يجد نفسه أمام‬
  ‫فإنه نظير له في الخلق كما‬       ‫محك الموضوعية في وضعية‬
  ‫يقول أمير المؤمنين علي بن‬
   ‫أبي طالب كرم الله وجهه‪.‬‬             ‫انفعالية وفكرية تدفعه‬
                                     ‫إلى مراجعة الأحكام التي‬
    ‫ونقاط الأوميغا بين بني‬       ‫استخلصها من قراءة الوثائق‬
      ‫البشر أكبر‪ ،‬وأكثر من‬       ‫التي استنطقها تب ًعا لمنظومته‬
     ‫لحاظ التخارج‪ ،‬والثقافة‬         ‫الفكرية التي تشكل جبِلته‬
                                    ‫الطبيعية الأولية والثانوية‬
‫الأخلاقية سواء كانت عادات‬        ‫«المكتسبة‪ ،‬أو المثقفة»‪ ،‬ويزداد‬
   ‫وممارسات أخلاقية تؤكد‬             ‫الطلب على المراجعة ش َّد ًة‬
              ‫هذه الشراكة‪.‬‬          ‫داخل الباحث عن الحقيقة‬
    ‫وتجدر الإشارة إلى خطر‬           ‫إذا كانت الشعوب أو هذه‬
                                      ‫المجتمعات المدروسة من‬
 ‫التأويل البشري في التعاطي‬        ‫قبيل المجتمعات المصنفة‪ ،‬أي‬
         ‫مع ثقافة وحضارة‬           ‫التي لم تشارك في تصنيف‬
                                 ‫نفسها داخل المجتمع الدولي‪،‬‬
 ‫المجتمعات الأخرى‪ ،‬أو التي‬        ‫مثل الشعوب القاطنة للقارة‬
   ‫تقع في دائرة أو ما صدق‬        ‫السمراء «أفريقيا» التي عانت‬
                                  ‫عبر التاريخ من ضيم غياب‬
‫الغير‪ ،‬فالحمولة الثقافية التي‬        ‫السيادة‪ ،‬وتاريخ أفريقيا‬
 ‫تكمن وراء حد أو اصطلاح‬            ‫مع الاستعمار لا يحتاج إلى‬
    ‫الغير تدفعنا إلى التدقيق‬        ‫الشرح‪ ،‬وليس القصد من‬
  ‫والاحتياط في الأخذ بنتائج‬        ‫هذا التقديم إثارة الحزازات‬
                                      ‫الإثنية أو التاريخية بين‬
‫ونظريات الآخر في الدراسات‬            ‫شعوب أفريقيا وشعوب‬
     ‫الاجتماعية والإنسانية‪،‬‬         ‫القارات الأخرى‪ ،‬بل تكمن‬
                                  ‫الرغبة في الإشارة إلى أهمية‬
 ‫فالقراءة من زاوية الأنموذج‬       ‫البحث في ثقافات المجتمعات‬
 ‫مدخ ًل رئي ًسا لفهم وتفسير‬
 ‫الواقع‪ ،‬فقد تكون من ناحية‬            ‫الموجودة خارج المركز‪،‬‬
                                      ‫وإلى مراجعة الدراسات‬
    ‫الميدان انحرا ًفا وتشوي ًها‬  ‫السابقة لهذه الثقافة بأسلوب‬
    ‫للحقيقة‪ ،‬والدليل في ذلك‬      ‫موضوعي تكون الحقيقة فيه‬
                                     ‫هي السيد‪ ،‬والذي نسعى‬
      ‫الاختلاف الذي تعرفه‬          ‫إلى إثباته في هذا البحث هو‬
       ‫البشرية حول المسألة‬           ‫التأكيد على وحدة الثقافة‬
  ‫الواحدة‪ ،‬إذ كثيرة القضايا‬       ‫البشرية‪ ،‬وعلى مبدأ الشراكة‬
    ‫الإنسانية التي يستغرب‬
    ‫الباحث الخلاف الموجود‬
  ‫فيها‪ ،‬ومن بين الإشكاليات‬
  ‫التي نروم في هذه الدراسة‬
 ‫التعاطي معها بحثًا‪ ،‬وتعلي ًل‬
    ‫التباين الموجود في ضبط‬

                   ‫المفاهيم‪.‬‬
   237   238   239   240   241   242   243   244   245   246   247