Page 276 - m
P. 276

‫العروي ويقدم لنا نظرة‬           ‫علينا قبل أن نحكم علي انتقادات‬
    ‫أخرى من الغرب للشيخ‬            ‫المستشرقين أن نرى إنجازاتهم في‬
     ‫فيقول‪« :‬يحترم ويهاب‬         ‫هذا الميدان‪ ،‬إذ لا يتصور حكم منصف إلا‬
      ‫الشيخ‪ ،‬بل يعطف عليه‬       ‫بمقارنة نتائج الفريقين‪ .‬والمقارنة تظهر‬
 ‫أحيا ًنا إذ يراه يجتهد ليحيي‬     ‫بما لا يدع مجاًل للشك أن المستشرقين‬
‫الإيمان في عالم عم فيه الكفر‬    ‫عندما يطبقون على وقائع الإسلام القواعد‬
 ‫والجحود‪ ..‬في النهاية يتغلب‬        ‫المستقرة من دراسة التاريخ الغربي‬
     ‫الهاجس القومي فيبقي‬          ‫ينتهون برسم تاريخ عكسي أو سلبي‬
 ‫الشيخ ظاه ًرا بمظهر الرجل‬         ‫قابل بدور لكل استغلال إيديولوجي‪.‬‬
   ‫المغاير العنيد العنيف»(‪.)14‬‬
                                               ‫عبد الله العروي‬
      ‫وهنا علينا ملاحظة أن‬
     ‫العروي يح ِّمل مسؤولة‬        ‫مسيحية‪ ،‬ويصل إلى قناعة‬       ‫المشكلات في المجتمع العربي‬
‫التحول الذي يمر بها الشرع‬          ‫بأنه «لولا هذه الادعاءات‬        ‫الحديث تتعلق بالعقيدة‪،‬‬
 ‫من السلم إلى العنف للغرب‪.‬‬       ‫الاستفزازية لما فارق الشيخ‬
  ‫وإذا كان صحي ًحا ما أشار‬        ‫صمت الأولياء الخاشعين‪.‬‬       ‫والثاني بالتنظيم السياسي‪،‬‬
‫إليه العروي هنا إلا أنه يشير‬       ‫ولكن في هذه الحال تعين‬         ‫والثالث بالنشاط العلمي‬
    ‫إلى معنى خطير هو مدى‬
 ‫ضعف البناء الداخلي للشرع‬             ‫عليه أن يجيب‪ ،‬فيتهيَّأ‬  ‫والصناعي»‪ .‬ولم يقتصر على‬
   ‫المتمثل في الشيخ‪ ،‬والرؤية‬    ‫لخوض معركة يائسة‪ ،‬يبحث‬         ‫مشكلات المجتمع العربي بل‬
   ‫العامة للعالم الشرعي هي‬
 ‫الانغلاق والمواقف المتشنجة‬       ‫عن أسباب القوة والفشل‪،‬‬          ‫تجاوزه إلى قراءة الموقف‬
                                ‫فيعود إلى النص‪ ،‬وبالطبع لا‬      ‫من الغرب وف ًقا لموقف هذه‬
                 ‫والتعصب‪.‬‬                                        ‫التيارات منه‪ ،‬فالشيخ من‬
       ‫ويميل العروي أحيا ًنا‬         ‫يجد سوى الألفاظ»(‪.)13‬‬      ‫وجهة نظره «لا ينفك يرى‬
     ‫إلى مدح المستشرقين أو‬       ‫ويقصد بالشيخ هنا موقف‬        ‫التناقض بين الشرق والغرب‬
      ‫الاعتراف بفضلهم على‬                                     ‫في إطاره التقليدي‪ ،‬أي كنزاع‬
  ‫الحضارة العربية في مقابل‬          ‫الشرعي من الغرب الذي‬      ‫بين النصرانية والإسلام(‪.)12‬‬
  ‫نقد التخلف العربي فيقول‪:‬‬        ‫لم ينشأ بسبب استفزازات‬      ‫ويذهب العروي إلى أن الغرب‬
     ‫«إن العلوم التاريخية لم‬
    ‫تتطور وتبلغ سن الرشد‬             ‫بل بدأ منذ بداية النبوة‬      ‫يستفز الشيخ باستمرار‬
   ‫إلا في القرن ‪19‬م‪ ،‬فيتعين‬            ‫في موقف من اليهود‬            ‫بالحديث عن الحملات‬
    ‫إمهال المجتمعات العربية‬
   ‫حتى تتدرب على قواعدها‬           ‫والنصارى‪ ،‬وهذا باعتقاد‬      ‫الصليبية وعن الأخذ بالثأر‪،‬‬
  ‫الصعبة‪ ،‬وهذا تبرير وجيه‬        ‫المسلم أن الغرب لن يرضى‬          ‫وأن أرض الإسلام كانت‬
 ‫في ظاهره لولا أنه لا يتناول‬    ‫عنا حتى نتبع ملتهم‪ .‬ويعود‬

             ‫لب المسألة(‪.)15‬‬
      ‫ويشير العروي إلى أن‬
  ‫عد ًدا ممن كتبوا في قصص‬
    ‫تاريخية أخدوا بمرويات‬
‫ضعيفة ولم تثبت‪ ،‬لذلك سهل‬
   271   272   273   274   275   276   277   278   279   280   281