Page 277 - m
P. 277

‫محمود محمد شاكر‬               ‫فؤاد زكريا‬                        ‫على المستشرقين انتقادها‬
                                                             ‫والطعن فيها‪ ،‬ويري أن‪ :‬علينا‬
     ‫المستشرقين‪ :‬لماذا يلزم‬          ‫يأخذون «الأخبار على‬
   ‫العرب كل هذا الوقت لكي‬             ‫ظاهرها كأكداس من‬         ‫قبل أن نحكم علي انتقادات‬
                                ‫المعارف المتناثرة‪ ،‬فيقومون‬           ‫المستشرقين أن نرى‬
      ‫يتصالحوا مع العصر؟‬            ‫على تحليلها وتكسيرها‬
    ‫وكان الأولى أن يطوحوا‬          ‫إلى عناصر بسيطة‪ ،‬هي‬           ‫إنجازاتهم في هذا الميدان‪،‬‬
  ‫على أنفسهم السؤال التالي‪:‬‬     ‫الأخبار في المعنى التقليدي‪،‬‬    ‫إذ لا يتصور حكم منصف‬
   ‫كيف تمت نفس المصالحة‬        ‫وتصف في ادعائهم مفردات‬          ‫إلا بمقارنة نتائج الفريقين‪.‬‬
   ‫في الغرب؟ كم من حروب‬           ‫الحوادث‪ ..‬وينتهي طب ًعا‬       ‫والمقارنة تظهر بما لا يدع‬
  ‫وثورات من حالات انتحار‬      ‫المستشرقون بانتهاجهم نفس‬        ‫مجا ًل للشك أن المستشرقين‬
     ‫وفشل وضياع‪ ،‬قبل أن‬           ‫الطريق إلى نتيجة واحدة‬        ‫عندما يطبقون على وقائع‬
  ‫يصل الغرب إلي ما ينعم به‬      ‫محزنة‪ ،‬تلك التي عبر عنها‬        ‫الإسلام القواعد المستقرة‬
‫اليوم من توازن وتكافؤ؟ أين‬       ‫غولدزيهر في دراساته عن‬        ‫من دراسة التاريخ الغربي‬
   ‫العدل والمنطق في كلامهم‬        ‫الحديث‪ ،‬وبعده جوزيف‬         ‫ينتهون برسم تاريخ عكسي‬
   ‫هذا؟ يفرك جيب وتلاميذه‬          ‫شاخت عن تاريخ الفقه‬
  ‫أعينهم‪ :‬ما لهؤلاء العرب لا‬       ‫الإسلامي‪ .‬حكم الاثنان‬         ‫أو سلبي قابل بدور لكل‬
‫يستقرون على حال؟ لو طبق‬         ‫بعد تمحيص دقيق وشامل‬            ‫استغلال إيديولوجي»(‪.)16‬‬
  ‫منطقهم المبتسر على الغرب‬        ‫بانتحال كل ما روي من‬            ‫ويشير العروي إلى عدم‬
    ‫لما احتفظ أي من عظمائه‬     ‫حديث وعدم صحة أي جزء‬           ‫وجود الوثائق المحايدة التي‬
 ‫وعباقرته بما ينسب لهم من‬                                    ‫يحكم من خلالها فيقول‪« :‬إن‬
 ‫حكمة وتبصر‪ .‬منح لكل من‬                           ‫منه(‪.)19‬‬      ‫التاريخ العربي الإسلامي‬
   ‫بلزاك‪ ،‬وغوته‪ ،‬وبوشكين‬          ‫ويتناول العروي السؤال‬
‫مهلة وأي مهلة لكي يسترجع‬         ‫الذي سبق وعرضه بعض‬               ‫لسوء الحظ هو قبل كل‬
                                                             ‫شيء مجموعة أخبار الوثائق‬
                                                              ‫المحايدة‪ ،‬الأصلية أو الأولية‬

                                                               ‫حسب اصطلاح كل فريق‪،‬‬
                                                                  ‫قليلة‪ ،‬وحتى إذا ُو ِج َدت‬

                                                                ‫فإنها لا تملك سوى قيمة‬
                                                               ‫تأشيرية تمكن الدراس من‬

                                                                 ‫معرفة معقد المشكل دون‬
                                                               ‫أن تمده بوسائل الحل»(‪.)17‬‬

                                                                  ‫وقفد قادت قلة الوثائق‬
                                                                ‫المستشرقين الباحثين عن‬
                                                               ‫التاريخ العربي والإسلامي‬
                                                                ‫إلى إحدى حالتين‪ :‬تخطيط‬
                                                              ‫برنامج بحثي لا يطبق أب ًدا‪،‬‬
                                                                 ‫أو إلى الإقرار بالعجز(‪.)18‬‬
                                                             ‫وينتقد العروي المستشرقين‬

                                                                  ‫بحدة لأنهم يعلمون من‬
                                                                  ‫أجل القضاء على الفكرة‬
                                                                   ‫الجامعة المؤلفة لأجزاء‬

                                                                     ‫العمل المدروس‪ ،‬فهم‬
   272   273   274   275   276   277   278   279   280   281   282