Page 275 - m
P. 275

‫الملف الثقـافي ‪2 7 3‬‬

‫عبد الله العروي‬  ‫جوزيف شاخت‬   ‫إجناتس جولد تسيهر‬               ‫هذه العلاقة بأوصاف كثيرة‬
                                                                ‫مثل‪ :‬الشرق غير العقلاني‪،‬‬
   ‫مرة‪ ،‬وللغرب مرة أخرى‪،‬‬           ‫علاقة مفترضة بين هذا‬       ‫وفاسد (ضال) ومثل الطفل؛‬
    ‫ويدور هذا في فضاء عام‬      ‫الشرق والغرب‪ ،‬ولا تتناول‬
 ‫من التنظير العقلي المدروس؛‬   ‫الشرق بوصفه كيا ًنا مستق ًّل‬          ‫وبالتالي كان الأوروبي‬
    ‫ربما كان يهدف العروي‬                                       ‫عقلاني‪ ،‬وفاضل وناضج(‪.)9‬‬
  ‫من هذا الوصول إلى رؤية‬               ‫له قواعده الخاصة‪.‬‬        ‫وفي هذا الإطار العام يمكن‬
     ‫محايدة‪ .‬فيقول‪« :‬عندما‬           ‫‪ -3‬نلاحظ أنه عندما‬
‫يتصل مجتمع ما بآخر‪ ،‬فإن‬        ‫يتحدث عن كيان ثابت باسم‬           ‫القول بحسب فؤاد زكريا‬
‫التماس بمعناه المادي البسيط‬         ‫«الشرق» أو «الإسلام»‬       ‫إن إدوارد سعيد بهذا المعنى‬
‫لا يهم في شيء إذ قد يحصل‬           ‫ويضفي على هذا الكيان‬
 ‫أن أحد المجتمعين المتماسين‬        ‫صفات متحجرة‪ .‬أي أنه‬              ‫جمع حوله آراء تشكل‬
 ‫يرفض بكل بساطة أن يرى‬        ‫يرفض أن يكون لدي الشرق‬               ‫مدرسة كامله في رفض‬
   ‫الآخر‪ .‬المهم في هذا الحال‬     ‫دينامية وتاريخ‪ ،‬وينكر ما‬        ‫الاستشراق ونقده‪ ،‬تطرح‬
   ‫هو أن نحدد بالضبط ماذا‬        ‫فيه من تعدد وتنوع وإنما‬      ‫مجموعة من القضايا وتوجه‬
‫يستطيع كل مجتمع أن يدرك‬       ‫يجعل منه «جوه ًرا» غير قابل‬            ‫إليها انتقاداتها لكونها‬
                                       ‫للنمو أو التغيير(‪.)10‬‬  ‫ُمسلمات لا تتم ُمناقشتها‪ ،‬أو‬
                 ‫الآخر»(‪.)11‬‬                                   ‫مغالطات صريحة‪ ،‬أو تعبي ًرا‬
    ‫فقد وضع العروي إطا ًرا‬       ‫عبد الله العروي‬                ‫عن تحيزات ظاهرة‪ ،‬أو عن‬
 ‫واض ًحا للموقف من الغرب‬           ‫(‪)... -1933‬‬                ‫افتقار إلى شروط الموضوعية‬
‫وف ًقا لرؤية تيارات أساسية‪،‬‬
  ‫وهي‪ :‬الشيخ‪ ،‬والسياسي‪،‬‬             ‫تناول عبد الله العروي‬                         ‫العلمية‪:‬‬
    ‫والتقني‪ ،‬فيرى أن التيار‬     ‫الاستشراق في إطار سياق‬         ‫‪ -1‬فالاستشراق تأثر بتراث‬
                                                               ‫قديم انحدر إليه من تحيزات‬
       ‫الأول يفترض «أن أم‬         ‫عام قائم على نقد للعرب‬       ‫العصور الوسطي الأوروبية‬

                                                                   ‫ضد الإسلام (وبخاصة‬
                                                                  ‫نتيجة للعداء الدعوي بين‬

                                                                    ‫الإسلام والمسيحية في‬
                                                                  ‫الحروب الصلبية)‪ ،‬وهذا‬
                                                                   ‫ال ُتراث كامن في كتابات‬

                                                                    ‫المستشرقين بحيث من‬
                                                              ‫الصعب عليهم إن لم يكن من‬

                                                                   ‫المستحيل التخلص منه‪.‬‬
                                                              ‫‪ -2‬وهو قد تأثر بالاعتبارات‬

                                                                    ‫السياسية والنزوع إلى‬
                                                                   ‫السيطرة‪ ،‬بحيث أصبح‬
                                                               ‫يعكس نظرة الغرب «القوي»‬

                                                                      ‫إلي الشرق الضعيف‪.‬‬
                                                               ‫وبالتالي كانت المقولات التي‬

                                                                    ‫يستخدمها الاستشراق‬
                                                              ‫مقولات تتسم بصفة أساسية‬
                                                              ‫وهي المركزية‪ ،‬وكانت نظرته‬

                                                                ‫إلى الشرق تستمد كلها من‬
   270   271   272   273   274   275   276   277   278   279   280