Page 59 - m
P. 59
57 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
اللغة بوصفها أداة:
في هذا السياق ،وحسب
هذا الفهم للفن وللرواية
وللوعي العام بها؛ تأتي
اللغة.
حمدي أبو جليل في
روايته تلك يحكي بالكتابة
بالضبط كما يحكي
شفاهة ،هي رواية شفاهية
بالأساس ،يستخدم
فيها لغة البدو الخشنة
بصعوبتها على غير
العارفين بها ،وبوعورتها
وخدشها لحياء أبناء
يوسف إدريس يحيى الطاهر عبد الله مصطفى مشرفة الطبقة المتوسطة التي
تشكل التربية الدينية
الإيجار شهر ورا شهر وصاحب الأوضة طردني، التقليدية المحافظة جز ًءا
وخدني الزعيم بدروم العمارة اللي بينام فيها مه ًّما من تكوينهم النفسي والعقائدي والثقافي
والاجتماعي ،فيسمي الأشياء والأفعال بأسمائها
في «سيماغوسطا» ،وبيِّت يوم والتاني وصاحب
العمارة طردني ،فقلت مبدهاش ،قدام العمارة الجارحة دون أن يشعر بخروج عن المألوف ،ودون
فيه جنينة صغيرة فوقيها كوبري ،خدت حاجتي أن يشعر قارئه المحايد بذلك ،الذي ينغمس في
وجبت مرتبة وبطانية م الكنيسة ع البطانية
الفعل الروائي ويتقمص شخصيات أبطاله.
اللي معايا ونصبت سرير محترم تحت الكوبري
وقعدت .الساعة ستة الصبح أتشطف وأفطر هذا الأداء اللغوي يناسب السياق القيمي
ف كنيسة «باركو لافتيتسي» ،اللي كنا مسمينها والاجتماعي والمعرفي الذي تدور فيه الرواية
جاردينة هويدي نسبة لواحد من عرب الفيوم كان
قاعد فيها على طول ،واتمشى في الشوارع واتغدى ويشكل وعي أبطالها ،طبقة العمال من بدو
الصحراء الذين يمارسون أعما ًل دنيا ،بحسب
في كنيسة «السيسيو سنترالي» محطة القطر
الرئيسية في ميلانو ،والعشا في كنيسة ترام ،14 التصنيفات المجتمعية ،فالبطل في سبها الليبية كان
ودي فيها غدا وعشا ،بس الغدا بتاع «السيسيو
سنترالي» أحسن من غداها .وقعدت ف المكان ده يصنع الطوب الأسمنتي ،وهي وظيفة عضلية
تلات شهور ،ولفيت ميلانو حتة حتة ،كنت أحب
أتمشى فيها في كل أحوالي ،معايا فلوس واللا م بالكامل لا تحتاج إلى عقل ،بل ربما العقل يفسدها،
معاييش ،عندي مكان واللا صايع ،كانت بتريحني،
واااسعة ،واسعة واسعة ،تحس إنها دولة ،وقال ثم بدأ في تجارة المخدرات ،فتحول إلى المخدرات
لك زمان كانت دولة ،وفيها كل حاجة والبني آدم
مهما ابي ّض واللا اسو ّد واللا حتى كفر يعمل اللي تحت غطاء مصنع الطوب ،وحين انتقل إلى إيطاليا
لم يكن أمامه –منطقيًّا -إلا تجارة المخدرات ،في
بلد هي الأعلى في استهلاك المخدرات على مستوى
أوروبا ،وهو أقرب إلى طبيعة بلدان شمال أفريقيا.
وفي الحكي الخاص بإيطاليا ستجد مفردات أجنبية
تتخلل الكلام ،ليعكس –بالضبط -وعي ولغة
البطل .يقول (ص 116و“ :)117ق ّفلت على شغل
الحشيش ،خفت ليقبضوا عليَّا ويرحلوني ،وتراكم