Page 56 - m
P. 56

‫العـدد ‪58‬‬   ‫‪54‬‬

‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬

  ‫وإنهم أدواته لبلوغ هذه السيطرة بما يملكون من‬
‫وفرة عددية‪ ،‬وتدريب على القتال‪ ،‬ورغبة في التمسك‬

           ‫بالزعيم وبالمكاسب التي يغدقها عليهم‪.‬‬
 ‫الفصل الأول من الرواية‪ ،‬إن شئت تسمية أجزائها‬

     ‫فصو ًل‪ ،‬بعنوان «اتضح أن الزعيم نفسه صاد‬
      ‫شين»‪ ،‬ويحاول أسطرة هذا الزعيم الذي كان‬
 ‫فار ًقا في سيرة بدو الصحراء الشرقية وصعودهم‬
 ‫باعتباره أياهم من أهله‪ ،‬والذي ح َّول نفسه بالفعل‬
‫إلى أسطورة‪ ،‬بدأت بالصعود الكبير وانتهت بمأساة‬
    ‫عظيمة‪ ،‬يقول (ص‪“ :)7‬طب ًعا الزعيم كأي زعيم‬
   ‫مخ َت َلف على مكان ولادته‪ ،‬وهناك رواية تقول إن‬
   ‫الزعيم أص ًل يهودي‪ ،‬وأمه يهودية من تل أبيب‪،‬‬
  ‫وهناك رواية تذهب إلى أن الزعيم أص ًل فرنسي‪،‬‬
‫أبوه طيار سقط من سماوات الحرب العالمية الثانية‬
   ‫على خيمة شي عرب ليبيين هاملين في الصحراء‬

       ‫وتزوج ابنتهم‪ ،‬وأنجبت له الزعيم‪ ،‬لكن كلتا‬
‫الروايتين تنطويان على أبعاد مذهبية تبرر الشك في‬

  ‫كونهما من د ِّس أعداء الزعيم التاريخيين»‪ ..‬حتى‬
 ‫يصل إلى هدم الأسطورة التي بناها‪ ،‬بالقول (ص‪8‬‬

                                          ‫و‪:)9‬‬
  ‫“ولكن لا تظن أن الزعيم اخترع الصاد شين لأنه‬

   ‫صاد شين‪ ،‬لأن الزعيم اخترع الصاد شين لأنه‬
  ‫(يستقل) بشعبه؛ يراه أقل من طموحاته ونظريته‬
  ‫العالمية الثالثة‪ ،‬وكان يرى في مصر الأنسب لهذه‬
 ‫الزعامة‪ ،‬تحدي ًدا مصر‪ ،‬الزعيم هو أكثر واحد آمن‬

    ‫بأن مصر هي أم الدنيا فع ًل‪ ،‬وكان يستقل عدد‬
      ‫الليبيين‪“ ،‬شنو اتنين مليون في مساحة اتنين‬
     ‫مليون‪ ،‬وياريتهم مدربين أو متعلمين أو حتى‬
                            ‫مستعدين للشغل!”‪.‬‬

 ‫القوسان الكبيران حول كلمة (يستقل) من عندي‪،‬‬
 ‫فأبو جليل لا يستخدم اللفظة هنا بمعناها المعروف‬
 ‫من الاستقلال‪ ،‬أو التحرر من القيد‪ ،‬ولكن من القلة‬
 ‫كما في التعبير الشعبي الدارج‪ ،‬أنا أستقل بك يعني‬

   ‫أراك أقل مما تعتقد نفسك‪ ،‬أو مما يعتقده الناس‬
  ‫عنك‪ ،‬كما أن نفس الاستشهاد فيه اللهجة البدوية‬

    ‫الدارجة بين الصاد شين‪ ،‬أو بدو ليبيا‪ ،‬تأتي في‬
    ‫سياق السرد العادي وإن كان مق َّو ًسا هنا‪ ،‬لكنه‬
     ‫منثور في كل الرواية كما سأوضح فيما يأتي‪.‬‬
   51   52   53   54   55   56   57   58   59   60   61