Page 107 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 107
للقيام بما قام به السودان .وبذلك قضى صلاح الدين على عناصر الخيانة ،وأدب القوى
التي حاولت الوقوف في وجه آماله ومشاريعه .ولم يبق أمام صلاح الدين إلا كبار
الإقطاعيين وملاك الأراضي الذين دفعهم الحرص على ممتلكاتهم وضياعهم الواسعة
إلى مساندة الأوضاع القائمة ،فتخل صلاح الدين من هؤلاء أيضاً وأحل محلهم في
اقطاعتهم جماعة من رجاله من أهل الشام.
على أنه يلاحظ أن صلاح الدين قام بأعماله السابقة في ذلك الدور بوصفه نائباً عن
نور الدين محمود ،لا بإسم الخليفة الفاطمي بوصفه وزيراً له .وبعبارة أخرى فإن
صلاح الدين استطاع حتى تلك المرحلة أن يحتفظ بعطف نور الدين وعدم إثارة مخاوفه
نتيجة للخطوات السريعة الناجحة التي دعم بها سلطانه في مصر .الواقع إن صلاح
الدين كان لا يستطيع بأي حال أن يستغنى عن معونة سيده نور الدين في ذلك الدور
المبكر من كفاحه ،لاسيما وأنه واجه صعاباً عديدة داخل مصر في الوقت الذي أخذ
الصليبيون يتحفزون على الحدود الشرقية للبلاد.
الصليبيون ومهاجمة مصر
..........................
ومن الواضح أن نجاح قوات نور الدين محمود في السيطرة على مصر أثار فزع
الصليبيين بالشام بعد أن أحسوا بوقوعهم بين شقي الرحى .هذا إلى أن سيطرة قوات
نور الدين على القواعد البحرية في شمال مصر – وبخاصة دمياط والإسكندرية – كان
من شأنها أن تسلب الصليبيين سيادتهم البحرية على الجزء الشرقي من حوض البحر
المتوسط.
وعندما فشل عمورى الأول ملك بيت المقدس في الحصول على معونة سريعة من
يرب أوربا ،اتجه صوب الإمبراطورية البيزنطية طالباً عقد تحالف بين القوتين لغزو
مصر واقتسامها .وكان أن أعد الإمبراطور البيزنطي مانويل كومنين أسطولاً كبيراً
يادر الدردنيل في يوليو سنة 564هـ 1169 /م قاصداً قبرس ومنها إلى صور ثم عكا
للاتفقاق مع الصليبيين على الخطة المشتركة لغزو مصر.
وقد تم الاتفاق في هذه الخطة على يزو مصر براً وبحراً عن طريق دمياط ،فأقلع
الأسطول البيزنطي صوب دمياط ،في حين زحف الصليبيون براً في سنة 565هـ /
1170م من عسقلان إلى الفرما قاصدين دمياط ومعهم المنجنيقات والدبابات وآلات
الحصار ،في حين وقف الأسطول البيزنطي عاجزاً عن دخول الميناء بسبب المآصر
،وهي السلاسل الحديدية الممتدة في الماء بعرض الميناء لتمنع دخول سفن الأعداء.
107