Page 105 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 105
موقفه واستياء الناس من سياسته فأحرق الفسطاط في نوفمبر سنة 564هـ /
1169م وبدأ يعد العدة للدفاع عن القاهرة.
ولم يلبث أن أدرك عمورى صعوبة الاستيلاء على مدينة كبيرة معادية مثل القاهرة
،فتراجع عنها بعد أن دفع له شاور مائة ألف دينار ،واتجه الصليبيون إلى جهة
سرياقوس حيث سمعوا باقتراب جيوش نور الدين محمود بقيادة شيركوه.
وكانت خطة عمورى تتجه إلى مبايته جيوش شيركوه عند فاقوس وهي متعبة ،
قبل أن تتمكن هذه الجيوش من الاتحاد مع القوات المصرية .ولكن هذه الخطة انهارت
من أساسها عندما علم عمورى أن شيركوه اخترق الصحراء إلى القاهرة حيث رحب
به الأهالي والتفوا حوله لحمايتهم من الصليبيين .وهكذا لم يجد عمورى في تلك المرة
حليفاً يعتمد عليه في مصر ،إذ اتحد المسلمون جميعاً ضده ،فلم يبق أمامه سوي أن
ينسحب فوراً عائداً إلى فلسطين في يناير سنة 564هـ 1169 /م ومعه رجاله
خايبين مما أملوه .
أما شيركوه فقد فقد فرح به أهل مصر واستقبلوه استقبال البطل المخل عند
وصوله إلى القاهرة ،وسرعان ما استدعاه الخليفة العاضد الفاطمي وخلع عليه خلعة
الوزارة ولقبه بالمنصور ،وأخذ أرباب الدولة يترددون عليه لقضاء حوائجهم .وكان
من الطبيعي أن يحس شاور بخطر شيركوه ،لاسيما بعد أن رأي تأييد الخليفة العاضد
له .لذلك أرسل شاور مرة أخرى إلى الصليبيين يستدعيهم لنجدته ويطلب منهم
الحضور إلى مصر عن طريق دمياط .بل إن شاور دبر مؤامرة للقب على شيركوه
وأمرائه وقتلهم جميعاً أثناء وليمة يولمها لهم .وكان شاور قد تعهد بدفع ثلث أموال
البلاد لشيركوه ،فلما أرسل له الأخير يطلب منه الوفاء بوعده ،أخذ يماطل لكسب
الوقت ،انتظاراً لوصول الصليبيين لنجدته .وأخيراً اجتمع أعيان مصر وقالوا لشيركوه
إن شاور سبب فساد البلاد والعباد وطالبوا بقتله وإنقاذ المسلمين من شره.
وهكذا انتهى الأمر بقتل شاور وولده الكامل في يناير سنة564ه 1169 /م وشارك
الخليفة الفاطمي نفسه في التخل منه .أما شيركوه فقد دخل على رأس قواته –
وبصحبته ابن أخيه صلاح الدين – القاهرة دخول الظافرين .حيث أباح للناس نهب
قصر شاور .على أن شيركوه لم يلبث أن توفى بعد شهرين فقط وذلك فى مارس
1169م فخلفه في الوزارة ابن أخيه صلاح الدين.
105