Page 31 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 31

‫أحمد بن طولون والى على مصر‬
                     ‫‪.....................................‬‬

‫وفي ضوء العوامل السابقة نستطيع أن نفسر ما أصاب الخلافة الإسلامية من‬
‫ضعف ووهن ثم انقسام وتفتت ‪ ،‬فالخلاف بين بني هاشم وبني امية انتهى بانتصار بني‬
‫أمية وقيام الخلافة الأموية في دمشق‪ .‬ولم يرض العلويون بتلك النتيجة ‪ ،‬وإنما ظلوا‬
‫يشعلون الثورات ضد بني أمية ‪ ،‬وعندئذ استغل العباسيون الفرصة فحولوا الدعوة إلى‬
‫الرضا من آل محمد ‪ ،‬بمعنى أنهم جعلوا الإمامة لآل البيت النبوي ‪ ،‬وهي صيغة عامة‬
‫تشمل العلويين والعباسيين جميعاً‪ .‬واختار العباسيون بلاد خراسان مركزاً لنشر‬
‫دعوتهم‪ ،‬وعنصر الفرس دعامة يقيمون على أكتافها هذه الدعوة ‪ ،‬وبذلك قامت‬
‫الخلافة العباسية على أكتاف الفرس ‪ ،‬الأمر الذي أدى إلى إهمال العنصر العربي‬

                                                        ‫وإضعاف عصبيته تدريجياً‪.‬‬

‫وعندما أحس العباسيون بخطر الخراسانية عليهم نتيجة لازدياد نفوذهم ‪ ،‬يدروا‬
‫بهم بعد أن قتلوا زعيمهم أبا مسلم الخراساني ‪ ،‬كما نكبوا البرامكة وهم وزراههم من‬
‫الفرس‪ .‬ولم يلبث أن اشتد الصراع العنصري بين العرب والفرس في الدولة ‪ ،‬وهو‬
‫الصراع الذي اتخذ شكل فتنة بين الأمين وأخيه المأمون‪ .‬وهنا بحث الخلفا ءالعباسيون‬
‫عن عصبية جديدة تغنيهم عن العرب والفرس جميعاً ‪ ،‬فوجدوا ضالتهم في الأتراك‬
‫الذين سكنوا بلاد ما وراء النهر ‪ ،‬والذين اشتهروا بالطاعة وحب النظام والشجاعة ‪،‬‬
‫ولم يلبث أن أخذ الأتراك يتسللون إلى قلب الخلافة العباسية ‪ ،‬حيث رحب بهم الخلفاء‬
‫العباسيون – وخاصة بعد عهد المأمون – وقلدوهم المناصب الكبرى في الجيش‬
‫والإدارة ‪ ،‬فصار منهم الوزراء والولاة‪ .‬وإلى العنصر التركي هذا ينتمي أحمد بن‬

      ‫طولون مؤسس الدولة الطولونية في مصر (‪ 292 – 254‬هـ‪905 – 868 /‬م)‪.‬‬

‫ولا أدل على انحلال نظام الحكم في الخلافة العباسية في القرن الثالث للهجرة‬
‫من أن كثيراً من الولاة الذين كان يعينهم الخليفة العباسي على الولايات والأمصار‬
‫المختلفة ‪ ،‬كانوا يفضلون البقاء في العاصمة قرب الخليفة ‪ ،‬وينيبون عنهم بدورهم‬
‫نواباً يحكمون البلاد بإسمهم ‪ ،‬ويدعون لهم بعد الخليفة على المنابر وينقشون أسمهم‬
‫على السكة‪ .‬وعلى هذا الأساس فإن بع الولاة الأتراك السابق ذكرهم الذين عينهم‬
‫الخلفاء العباسيون لحكم مصر ‪ ،‬لم يروا مطلقاً أرض مصر حتى وفاتهم ‪ ،‬وإنما ظلوا‬
‫متربعين في بيوتهم على مقربة من الخلافة وجاهها ‪ ،‬وأكتفوا بأن أرسلوا إلى مصر‬

                                              ‫‪31‬‬
   26   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36