Page 35 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 35

‫واضطرب الأمن فيها وثار أهل طرسوس ‪ ،‬الأمر الذي اضطر الخليفة إلى إعادة أحمد‬
‫بن طولون إلى ولاية الثغور مرة اخرى سنة ‪877 / 264‬م بل لم يلبث الخليفة أن قلده‬

                                             ‫إمرة بلاد الشام كلها لا ثغورها فحسب‪.‬‬
‫ولم يكن منتظراً أن يرضى الموفق بتلك الهزيمة ‪ ،‬فاستغل فرصة انتصار قواته‬
‫على صاحب الزنج سنة ‪ 267‬هـ ‪880 /‬م من ناحية ‪ ،‬وظهور بوادر الخلاف بن أحمد‬

   ‫بن طولون ويلامه لؤلؤ الذي كان قد ولاه على حلب وقنسرين وديار مضر وحم‬
‫من ناحية أخرى ‪ ،‬وعاود هجماته ضد ابن طولون‪ .‬ولكن أحمد بن طولون أثبت مهارة‬
‫سياسية تدل على بعد نظر ‪ ،‬فكما أن يلامه لؤلؤ انحاز إلى الموفق ‪ ،‬لماذا لا يسعى هو‬
‫لكسب الخليفة المعتمد ‪ ،‬وهو صاحب الحق الشرعي في السلطان وينحاز إليه ضد أخيه‬
‫الموفق مغتصب السلطة؟ وفعلاً أرسل ابن طولون إلى الخيفة المعتمد يستهويه للقدوم‬
‫إلى مصر ليستعيد كرامته وحريته بعد أن ضيق عليه أخوه الموفق‪ .‬وفعلاً خرج المعتمد‬
‫متظاهراً بريبته في الصيد حتى وصل إلى الرقة ‪ ،‬ولكن أمره اكتشف وأعيد إلى‬

                                               ‫العاصمة تحت حراسة رجال الموفق‪.‬‬
‫وكان ابن طولون قد وطد مركزه تماماً في بلاد الشام ‪ ،‬فأخذ يتصرف في قوة ‪،‬‬
‫وعندما فشلت جهوده في استدراج الخليفة لتوفير الحماية له ‪ ،‬عقد مؤتمراً في دمشق‬
‫لتقرير عزل الموفق من ولاية العهد بحجة أنه يير أهل لإمامه المسلمين‪ .‬بل لقد أمر‬

                 ‫احمد بن طولون بلعن الموفق على المنابر وإسقاط اسمه من الدعوة‪.‬‬
‫وهكذا مضى الصراع بين أحمد بن طولون والموفق‪ .‬وفي كل حلقة من حلقاته‬
‫تزداد قدم ابن طولون رسوخاً وثباتاً ‪ ،‬مما يدعم استقلاله بمصر‪ .‬وأخيراً عجز الموفق‬
‫عن النيل من ابن طولون ‪ ،‬في الوقت الذي تعب ابن طولون من ذلك النزاع الذي طال‬
‫امده ‪ ،‬فتم الصلح بين الطرفين بعد أن أطلق الموفق سراح أخيه الخليفة المعتمد ورد‬
‫إليه اعتباره‪ .‬وكان أن عدل ابن طولون عن لعن الموفق ‪ ،‬ورد الدعوة له‪ .‬وبذلك‬

                                   ‫تحققت آمال أحمد بن طولون في الإستقلال بمصر‬

                                              ‫‪35‬‬
   30   31   32   33   34   35   36   37   38   39   40