Page 38 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 38

‫المعتمد بعد أن أرسل له الأموال ورسم له خطة الفرار‪ .‬هذا فضلاً عما قام به ابن‬
‫طولون في تلك المرة من محاولة للقضاء على الفتنة التي أشعلها يا زمان في‬
‫طرسوس‪ .‬ولكنه لم يمكث في منطقة الثغور طويلاً وعاد بسبب مرضه ‪ ،‬وهو المرض‬

                                                ‫الذي أدى إلى وفاته في العام التالي‪.‬‬

                   ‫الأعمال المعمارية لأحمد بن طولون‬
                    ‫‪........................................‬‬

‫ولا أدل على ثروة مصر في أيام أحمد بن طولون‪ .‬وحرصه على الظهور في صورة‬
‫الحاكم المستقل ‪ ،‬من كثرة المنشآت التي قام بها ‪ ،‬وما أنفق من أموال خلدت اسمه في‬

                                                                          ‫التاريخ‪.‬‬
‫ذلك أن ريبة أحمد بن طولون في الاستقلال جعلته يفكر في ترك مدينة العسكر –‬
‫مقر الولاة العباسيين السابقين – ويختط لنفسه حاضرة جديدة في الجزء الواقع إلى‬
‫الشرق من مدينة العسكر وإلى الشمال الشرقي من مدينة الفسطاط ‪ ،‬وأطلق على هذه‬
‫العاصمة الجديدة اسم القطائع ‪ ،‬لأنها قسمت إلى أحياء وقطائع ‪ ،‬كل قطيعة منها لطائفة‬
‫أو جنس من طوائف الجيش الطولوني ‪ ،‬فضلاً عن الغلمان والموالى وأصحاب الحرف‬
‫‪ ،‬بحيث يكون لكل صنف من الغلمان قطيعة مفردة تعرف بهم ‪ .‬وهكذا كانت هناك‬
‫قطيعة السودان وقطيعة الروم ‪ ،‬وحرص أحمد بن طولون على أن يجعل من القطائع‬
‫مدينة مكتملة المرافق ‪ ،‬فعمرها عمارة حسنة وتفرقت فيها السكك والأزقة ‪،‬‬
‫وعمرت فيها المساجد الحسان والطواحين والحمامات والأفران والحوانيت‬

                                                                     ‫والشوارع ‪.‬‬
‫وأقام أحمد بن طولون في عاصمته الجديدة قصراً كبيراً له أبواب عديدة ‪ ،‬لكل باب‬
‫منها اسم يدل على الغرض منه ‪ ،‬فباب الميدان الكبير كان منه الدخول والخروج لجيشه‬
‫وخدمه ‪ ،‬وباب الخاصة لا يدخل منه إلا خاصته ‪ ،‬وباب الجبل يلي جبل المقطم ‪ ...‬وبهذا‬
‫القصر ميدان كبير خاص بلعب الكرة‪ .‬وسمي القصر كله بالميدان ‪ ،‬ويقال أنه أنفق‬
‫عليه خمسين ألف دينار‪ .‬هذا عدا المنشآت الأخرى التي أقامها أحمد بن طولون‬
‫وصرف عليها الأموال الطائلة ‪ ،‬مثل البيمارستان الذي أنفق عليه ستين ألف دينار ‪،‬‬
‫وحصن الجزيرة الذي أنفق عليه ثمانين ألف دينار ‪ ،‬ويير ذلك من المنشآت التي زال‬

                              ‫معظمها واندثر ‪ ،‬ولم تبق إلا أوصافها في كتب التاريخ‪.‬‬

                                              ‫‪38‬‬
   33   34   35   36   37   38   39   40   41   42   43