Page 43 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 43
من الدجاج ولحوم الضأن والقطائف والهرائس الشئ الكثير ،فكانوا يبيعون تلك
الكميات الضخمة من الطعام ل هالي بحيث أن الفرد إذا فاجهه ضيق ،خرج إلى باب
دار الحرم فيجد فوراً ما يشتريه من أفخر الأطعمة بأرخ الأثمان مما لا يقدر على
عمل مثله!! .
وهكذا عم الرخاء البلاد والعباد جميعاً في عهد خماروية ،فلهج الجميع بشكره
وحمده ،وساد البلاد جو من الرضى والهدوء.
سياسة خماروية الخارجية
.......................
لم يكد الموفق – أخو الخليفة المعتمد – يعلم بوفاة أحمد بن طولون ،حتى رأى
فرصته قد حانت لاسترداد مصر والشام جميعاً من قبضة الطولونيين .وقد أحس
خماروية بنيات الموفق ،فبادر بإرسال جيشين إلى الشام أحدهما بقيادة كاتب أبيه
أحمد بن محمد الواسطى ،والآخر بقيادة سعد الأيسر ،وعزز هذين الجيشين بقوة
بحرية ضخمة من المراكب لتقيم بالسواحل الشامية .
ولم يكن خماروية مسيهاً في ظنه بالموفق ،الذي خرج بدوره من العراق واستعان
بابن كنداج والى مصر ،ومحمد بن أبي الساج والى أرمينية والجبال ،وزحف الجميع
على الشام .وفي الوقت نفسه لجأ الموفق إلى أساليب الخديعة والسياسة ،فاستمال
الواسطي قائد جيش خماروية إلى جانبه .ويقال إن الواسطي كان يخاف يدر خماروية
به ،لأن الواسطي هو الذي حرض خماروية على قتل أخيه العباس ،لذلك بادر
الواسطي بالاتصال بالموفق ،يستحثه في يزو الشام ،مقللاً له من شأن خماروية
الذي كان في العشرين من عمره.
وهكذا كشف الموفق عن نياته ،فاستولت قواته على الرقة وقنسرين والعواصم ،
ومضت في بلاد الشام حتى استولت على دمشق ،ثم تقدمت جنوب الرملة تريد يزو
مصر نفسها .وهنا أظهر خماروية رباطة جأش كبيرة ،فخرج بنفسه إلى بلاد الشام
لمواجهة قوى العدوان .وعلى الريم من أن الهزيمة حلت بجيوشه في أول الأمر في
موقعة الطواحين بين الرملة ودمشق ،إلا أن الجيوش الطولونية استطاعت أن تعيد
تنظيم صفوفها بقيادة سعد الأيسر ،وبذلك حققت انتصارها على القوات العباسية
وطردتها من بلاد الشام .وكان خماروية قد عاد إلى مصر بعد هزيمته الأولى ،فاستغل
سعد الأيسر فرصة انتصاره وأراد أن يعمل لحسابه ،فدخل دمشق واستولى عليها
واستخف بخماروية وييره .
43