Page 44 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 44
وعندما بلذ خماروية نبأ ما فعله الأيسر ،خرج إلى الشام سنة 272هـ885 /م
فحارب سعد الأيسر حتى هزمه وقتله .وبعد أن قضى بضعة أيام في دمشق خرج لقتال
ابن كنداج حليف الموفق ،فانزل به الهزيمة ،وظل أصحاب خماروية يطاردونه حتى
أبواب سامراء ،فعظم أمر خماروية في هذه الموقعة وهابته الناس .
وأخيراً أدرك أبو أحمد الموفق – أخو الخليفة – أن خماروية مع صغر سنه لا يقل
عن أبيه قوة وعزيمة ،فوافق الموفق على الصلح الذي طلبه خماروية وكتب
لخماروية بولايته على مصر والشام جميعه والثغور ،ثلاثين سنة ،وقدم بالكتاب بع
خدام الموفق إلى الشام شهر رجب ،وعرفه الخادم أن الكتاب كتبه الخليفة المعتمد
وأخوه الموفق وابنه ،بأيديهم تعظيماً لخماروية !!
ولم تنته متاعب خماروية بهذا الصلح ،وإنما بلغه مسير محمد بن أبي الساج –
عميل الموفق – إلى مصر ،فخرج إليه خماروية وقاتله على نهر دجلة حتى هزمه
أقبح هزيمة ،وذلك سنة 276هـ 889 /م .وكان من أثر ذلك أن دانت لسلطان
خماروية الموصل والجزيرة ،وخضع له يا زمان الخادم والى طرسوس ،بعد أن كان
قد أعلن خروجه عن طاعة الطولونيين سنة 270هـ 883 -م .وسرعان ما أدى
استقرار الأمور لخماروية في الأنحاء الشمالية لدولته إلى استهناف سياسة الجهاد ضد
الروم (سنة 279 – 278هـ892 – 891 /م) الأمر الذي جعل الروم يطلبون الصلح
سنة 283هـ 896 /م.
نهاية الدولة الطولونية
...........................
يقال أن خماروية قضى الفترة الأخيرة من حياته تعيساً معذباً ،فقد كانت له حظية
عزيزة على قلبه اسمها بوران – هي التي بنى لها القصر المعروف ببيت الذهب – فلما
ماتت هذه الحظية انسكر قلبه وكدر موتها عيشه ،وإنكسر انكساراً بان عليه على
قول المؤرخ أبي المحاسن.
وقد حكى عن خماروية أنه كان كثير الفساد بالخدم متعسفاً معهم .فبعد أن جهزا
ابنته قطر الندى وأرسلها إلى زوجها خرج إلى دمشق حيث أساء معاملة بع خدمه ،
فتآمر بعضهم عليه وذبحوه في سنة 282هـ 895 /م بعد أن حكم مصر والشام اثنتي
عشرة سنة .وكان أن حمل جثمانه في تابوت إلى مصر حيث أقيمت المآتم واشتد
الحزن عليه.
44