Page 32 - تاريخ مصر الإسلامية 1 ثالثة ارشاد سياحى
P. 32
من ناب عنهم في تصريف شهونها .ومن هؤلاء كان باكباك أو ياكياك التركي الذي ولى
مصر سنة 254هـ 868 -م ولكنه اختار أن يرسل إليها أحمد بن طولون لينوب عنه
في حكمها ،وكان باكباك أو ياكياك زوج أم أحمد بن طولون.
وقد ترجم المؤرخون لحياة أحمد بن طولون ،فقالوا إن أباه طولون مولى نوح بن
أسد بن سامان الساماني عامل بخاري وخراسان ،أهداه نوح في جملة مماليكه إلى
الخليفة العباسي المأمون ،فترقى حتى صار من جملة الأمراء ،وولد له ابنه أحمد هذا
سنة 220هـ835 /م أو في سنة 214هـ829 /م ببغداد وقيل أن أحمد هذا لم يكن
ابن طولون ،وإنما تبناه طولون لما رأى فيه من مخايل النجابة.
ومهما يكن من أمر ،فقد وصف المؤرخ أبو المحاسن أحمد بن طولون بأنه ،نشأ
على مذهب جميل ،وحفظ القرآن وأتقنه ،وكان من أطيب الناس صوتاً به ،مع كثرة
الدرس وطلب العلم ...وكان جميع خصال ابن طولون محمودة ،إلا أنه كان حاد الخلق
والمزاج ،فإنه لما ولى مصر والشام ظلم كثيراً وعسف وسفك كثيراً من الدماء ...
وكان فيه ذكاء وفطنة وحدس ثاقب.
هذا هو الرجل الذي ظهر على مسرح مصر سنة 254هـ868 /م ليدير شهونها
نائباً عن زوج أمه باكباك أو ياكياك.
سياسة أحمد بن طولون لمستقلال بمصر
..............................................
ومع اعترافنا بذكاء أحمد بن طولون وطموحه وعري آماله ،إلا أننا نرف أن
ننساق وراء مبالغات بع المؤرخين الذين يحرصون على تصويره في صورة الرجل
الذي أتى إلى مصر وفي عقله خطة مرتبة للاستقلال بها وإقامة ملك عري لبيته
فيها .فالتاريخ كما نعلم ملئ بالمبالغات وبع كتبه محشوة بالآراء التي تفتقر إلى أدلة
الإثبات .وما أكثر أن يلجأ بع كتاب التاريخ في العصور السابقة إلى اختلاق القص
ليضفوا على هذا البطل أو ذاك هالة من المجد الموهوم ،وكأنهم يعيشون في سريرته
ويحيطون بمكنون أسراره ،دون أن يحفلوا أو يدخلوا في تقديرهم الظروف التي تحيط
بالإنسان والتي كثيراً ما توجهه فجأة وجهة معينة لم يكن قد عمل لها حساباً من قبل.
ولماذا نفترض أن يكون أحمد بن طولون قد أتى إلى مصر وفي رأسه خطة معينة عزم
32