Page 128 - merit 49
P. 128
العـدد 49 126
يناير ٢٠٢3
جاهدة لتوثيق فكرتها عن نفسها هذه التي آمنت بها
دو ًما «فقد حلمت فقط بالكتابة وظل ديوانها الوحيد
«لا أشبه أح ًدا» أورا ًقا محفوظة في حقيبة يد بيضاء
ورثتها عن أمها»( .)9بيد أ َّن تجربة الارتحال تبدد
شيئًا فشيئًا قناعتها النفسية بنظريتها في (الفرادة
واللاشبه) التي كانت تحتل شخصيتها وتسيطر
على فكرها ،وتك َّشف لها -بما لا يقبل الشك -بأ َّنها
لم تكن امرأة استثنائيَّة لا تشبه أح ًدا ،ففي نهاية
الحوار الذي دار بينها وبين ابنها حول انتخاب
هي بعض األوكبلاممااترائلي ًحسذارلةأمورايلكجاا،هوزالةذاليتيضت َّمؤن ِّكتده
الاستسلام
والامتثال لدورة الحياة والقدر «تتأ َّكد من أ َّنها
صارت تشبه أمها أكثر»( ،)10بل إ َّن (هند) لم تعد
تشبه أ َّمها حسب ،وإ َّنما تكتشف أ َّنها تشبه مجموعة
كبيرة ومختلفة من النساء «فقد كانت ترى النساء
حولها -أصغر قلي ًل أكبر كثي ًرا -من بلاد الله التي
لا يعلمها سواه ،مثلها تما ًما ويشبهنها إلى حد موجع
ومخيف ومؤنس في آن»(.)11
إ َّنها مفارقة كبيرة ،فالمرأة التي تعتقد أ َّنها لا تشبه
أح ًدا ،وتومن بفرادتها ،تكتشف أ َّنها تشبه نسا ًء
كثيرات من بلدان مختلفة ،ينتمين إلى هويات
مختلفة .بيد أ َّن الاكتشاف المرعب الرئيس ،كان
اكتشافها الشبه الكبير بينها وبين (ليليت) الفنَّانة
المصر َّية التي أصابها داء (ألزهايمر) الذي أكل
ذاكرتها ومن ث َّم حياتها في أرض الغربة .وكان هذا
الشبه شب ًها كبي ًرا وصل إلى حد التماثل الكامل
بين الاثنتين ،فعندما ُعرضت مقتنيات (ليليت)
الشخصيَّة بعد موتها على قارعة الطريق ،من لوحات
فنيَّة ،واسكتشات ،وصور واسطوانات وغير ذلك،
مكتو ًبا عليها عبارة« :خذني لو أردت»( ،)12تخوض
هند مع الخائضين في البحث في أغراض ليليت،
وتتأ َّمل أغراضها وتقول بتوجس وريبة« :أشعر
أ َّنني أعرف هذه الأشياء»( ،)13وعندما ترى اللوحات
التي رسمت فيها ليليت وجهها ،تخاطب صديقتها
فتقول« :انظري يا إيمليا ..كيف كانت تلك ليليت
في شبابها ..تشبهني أليس كذلك؟ أليس هذا خدش
قديم أسفل جفنها مثلي ..أنظري»( ،)14ويتكرس الشبه
أكثر وأكثر حينما تتأمل هند صورة (عمر ع َّزام)
ابن ليليت فيصيبها «هذا الدوار ،وينز صدرها باللبن
الذي يخجلها ،لأ َّنها لم تعد تستطيع أن تبكي ،فقط
يتبلل صدرها باللبن كلما لفها الحنين تمسك صورة