Page 133 - merit 49
P. 133

‫‪131‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

           ‫هانز جورج جادامير‬                  ‫أولريكا مارتنسون‬       ‫الله فما له من ها ٍد” (الزمر‪.)٢٣ :‬‬
                                                                     ‫وفي هذا السياق أي ًضا تذكر مقولة‬
    ‫خلال أهل النحو واللغة وأهل‬       ‫الآية‪ ،‬فهو يقوم بتفسير الآيات‬    ‫الإمام على (القرآن حمال أوجه)‪.‬‬
 ‫الكتاب ومرويات كتبهم‪ .‬كل هذه‬         ‫المحكمات بذات المعني الواضح‬
‫العناصر كانت مبادئ يعتمد عليها‬                                           ‫بينما هناك رأي أكثر تفصي ًل‬
                                        ‫المفصل كما ذكر في تفسيره‪:‬‬         ‫يقول‪ :‬إن القرآن يحتوي على‬
   ‫الطبري في الوقوف على معاني‬      ‫“وأما المحكمات‪ ،‬فإنهن اللواتي قد‬    ‫الاثنين م ًعا؛ فهناك آيات محكمة‬
    ‫الآية‪ ،‬ويقوم بتقرير معنى أو‬    ‫أحكمن بالبيان والتفصيل‪ ،‬وأثبتت‬          ‫واضحة المعني وهناك آيات‬
   ‫عدة معاني من بينها باختياره‬                                        ‫متشابهه غامضة قابلة للتأويلات‬
      ‫الشخصي أو إدراكه العقلي‪.‬‬       ‫حججهن وأدلتهن على ما جعلن‬       ‫المتعددة المتباينة‪ ،‬وهذا الرأي أي ًضا‬
                                   ‫أدلة عليه من حلال وحرام‪ ،‬ووعد‬         ‫له دليله من القرآن وهي الآية‬
       ‫إن هذه الاستراتيجية التي‬                                          ‫السابعة من سورة آل عمران‬
       ‫يستخدمها الطبري حكيمة‬           ‫ووعيد‪ ،‬وثواب وعقاب‪ ،‬وأمر‬      ‫والتي تقول‪“ :‬هو الذي أنزل عليك‬
 ‫ومنضبطة من وجهة نظري‪ ،‬لكن‬         ‫وزجر‪ ،‬وخبر ومثل‪ ،‬وعظة وعبر‪،‬‬           ‫الكتاب منه آيا ٌت محكما ٌت هن‬
‫يمكن أن يكون سبب بساطتها هو‬                                            ‫أم الكتاب وأخر متشابها ٌت فأما‬
‫عدم وجود فرق إسلامية متناحرة‬          ‫وما أشبه ذلك وآيات أخر‪ ،‬هن‬      ‫الذين في قلوبهم زي ٌغ فيتبعون ما‬
‫بشكل قوي كما سيحدث بعد ذلك‬           ‫متشابها ٌت في التلاوة‪ ،‬مختلفات‬    ‫تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء‬
   ‫مع صراع المعتزلة والأشعرية‪،‬‬                                           ‫تأويله وما يعلم تأويله إلا الله‬
‫لذلك أريد أن آخذك معي إلى واحد‬                         ‫في المعاني»‪.‬‬  ‫والراسخون في العلم يقولون آمنا‬
   ‫من أهم فلاسفة المسلمين ومن‬       ‫فالقرآن كله له معني موضوعي‬        ‫به كل من عند ربنا وما يذكر إلا‬
   ‫كبار مفسريهم‪ ،‬والذي يحسب‬          ‫لدي الطبري‪ ،‬لكن الاختلاف في‬
      ‫دائ ًما على المذهب الأشعري‪،‬‬                                                      ‫أولو الألباب”‪.‬‬
    ‫لكن هو بالفعل ‪-‬في تقديرى‪-‬‬           ‫درجة الوضوح‪ ،‬فهناك آيات‬            ‫ربما تعد هذه الآية شارحه‬
   ‫فيلسوف من طراز خاص‪ ،‬قام‬           ‫واضحة جلية للكل وهناك آيات‬          ‫للآيتين السابقتين‪ ،‬فهي تقرر‬
   ‫بإضافة أفكار جديدة‪ ،‬ولم يكن‬       ‫تحتاج لبعض البيان والتوضيح‬            ‫وجود آيات محكمه وأخرى‬
                                                                     ‫متشابهة داخل القرآن‪ ،‬لكن تمثلت‬
                                         ‫ويمكن الوصول لمعناها من‬       ‫المشكلة في معني الآية ذاته‪ ،‬فهل‬
                                   ‫خلال أحاديث الرسول ومرويات‬        ‫ما قصدته الآية بالمحكم والمتشابه‬
                                                                     ‫هو ما يمكن أن يكون واض ًحا لكل‬
                                       ‫الصحابة والتابعين التي تملأ‬      ‫البشر فع ًل‪ ،‬أم أن هناك معني‬
                                         ‫تفسير الطبري‪ ،‬وأي ًضا من‬       ‫آخر؟ وهل الراسخون في العلم‬
                                                                     ‫يستطيعون معرفة معني الغامض‬
                                                                           ‫النصي أم هم فقط يؤمنون‬
                                                                          ‫ويقرون بصحة الرسالة مع‬

                                                                             ‫التباس بعض مضمونها؟‬
                                                                      ‫لم أجد حلا لهذه التساؤلات غير‬

                                                                        ‫الرجوع لأئمة المفسرين وفخر‬
                                                                         ‫علماء هذه الأمة‪ ،‬وعلي رأسهم‬
                                                                      ‫الإمام الطبري (‪310‬هـ)‪ ،‬ويمكن‬
                                                                         ‫لي ولك أن نفهم طريقة تأويل‬
                                                                       ‫الطبري من خلال تفسيره لهذه‬
   128   129   130   131   132   133   134   135   136   137   138