Page 134 - merit 49
P. 134

‫العـدد ‪49‬‬           ‫‪132‬‬

                                    ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬   ‫أسير مذهب أو فكرة واحدة‪ .‬إنه‬
                                                   ‫الإمام الرازي (‪ 606‬هـ) الذي‬
‫مؤه ًل علميًّا‪ ،‬يظن البعض أن ابن‬                  ‫يبني نظريته التأويلية على ثلاث‬
‫تيمية يحرم التفسير العقلي مطل ًقا‪،‬‬                   ‫قواعد‪ ،‬كما يذكر في تفسيره‬
‫وهذا غير صحيح مطل ًقا‪ ،‬فهو يقر‬                        ‫كالآتى‪« :‬الآيات على أقسا ٍم‬
                                                   ‫ثلاث ٍة‪ :‬أحدها‪ :‬ما يتأكد ظاهرها‬
    ‫بأهمية العقل‪ ،‬وقد كتب كتاب‬
 ‫(درء تعارض العقل والنقل) لكي‬                    ‫بالدلائل العقلية‪ ،‬فذاك هو المحكم‬
‫يثبت أهمية التفكير العقلي في فهم‬                 ‫حقا‪ .‬وثانيها‪ :‬الذي قامت الدلائل‬
 ‫النصوص‪ ،‬لكن أهم ما ركز عليه‬
                                                    ‫القاطعة على امتناع ظواهرها‪،‬‬
    ‫ابن تيمية هو محاربة فوضي‬                    ‫فذاك هو الذي يحكم فيه بأن مراد‬
   ‫التأويل التي تغض الطرف عن‬
‫أقوال الرسول والصحابة‪ ،‬وتبني‬                       ‫الله تعالي غير ظاهره‪ .‬وثالثها‪:‬‬
    ‫أسوا ًرا ومباني شاهقة مبنية‬                    ‫الذي لا يوجد مثل هذه الدلائل‬
 ‫على خيالاتهم العقلية البعيدة عن‬                 ‫على طرفي ثبوته وانتفائه‪ ،‬فيكون‬
  ‫مراد النص‪ ،‬لكن يمكن أن يكون‬                   ‫من حقه التوقف فيه‪ ،‬ويكون ذلك‬
                                                  ‫متشاب ًها بمعني أن الأمر اشتبه‬
                                                 ‫فيه‪ ،‬ولم يتميز أحد الجانبين عن‬
                                                ‫الآخر‪ ،‬إلا أن الظن الراجح حاص ٌل‬
                                                   ‫في إجرائها على ظواهرها‪ .‬فهذا‬
                                                 ‫ما عندي في هذا الباب والله أعلم‬

                                                                       ‫بمراده»‪.‬‬
                                                   ‫وكما ترى فهو يعطي الترجيح‬
                                                 ‫العقلي ‪-‬بشكل واضح‪ -‬الأولوية‬
                                                   ‫في فهم القرآن‪ ،‬واختيار المعني‬
                                                ‫الظاهر أو تأويله أو حتى التوقف‬
                                                   ‫عن اختيار معني من الجانبين‬

                                                                    ‫لظاهر الآية‪.‬‬
                                                      ‫ومن فيلسوف إلى فيلسوف‬
                                                  ‫آخر ولكن شتان بينهما‪ ،‬يعتبره‬
                                                ‫البعض هادم الفلسفة‪ ،‬وأعتبره أنا‬
                                                ‫مجدد الفكر الإسلامي في عصره‪،‬‬
                                                ‫إنه أشهر من لقب بشيخ الإسلام‬
                                                  ‫هو الإمام ابن تيمية‪ ،‬وقد لخص‬
                                                 ‫نظريته التأويلية للقرآن في كتاب‬
                                                  ‫صغير معروف باسم مقدمة في‬
                                                 ‫تفسير القرآن‪“ :‬أن القرآن يفسر‬
                                                 ‫بقول الرسول ثم أقوال الصحابة‬
                                                    ‫ثم ما اتفق عليه التابعون‪ ،‬ثم‬
                                                   ‫بعد ذلك يمكن أن يقول المفسر‬
                                                  ‫رأيه (إعمال عقله) بعد أن يكون‬
   129   130   131   132   133   134   135   136   137   138   139