Page 136 - merit 49
P. 136

‫المعنى‪ ،‬فهو مختلف باختلاف‬                                 ‫العـدد ‪49‬‬                           ‫‪134‬‬
    ‫كل إنسان‪ ،‬وشخصيًّا أحاول‬
   ‫الوصول إلى قواعد كلية داخل‬                                                 ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬   ‫القارئ لمقصود المؤلف من خلال‬
    ‫القرآن أقوم من خلالها بفهم‬                                                               ‫نص ما‪ ،‬بل هذا هو الهدف من‬
   ‫أجزائه المختلفة‪ ،‬وقد استطعت‬          ‫بدأت به وهو‪ :‬هل يوجد معني‬                          ‫التفسير‪ ،‬ولكي نصل إلى مقصد‬
    ‫بالفعل تطبيق تلك الفكرة على‬        ‫واضح يمكن الوصول إليه لكل‬                              ‫المؤلف يجب علينا دراسة لغة‬
     ‫بعض الموضوعات‪ ،‬ووجدت‬            ‫البشر منذ بعثة الرسول وإلي يوم‬                         ‫النص والسياق التاريخي الذي‬
   ‫تفسي ًرا منطقيًّا ومنضب ًطا لها‪.‬‬                                                          ‫قيل فيه‪ ،‬ودراسة كافية لمؤلف‬
    ‫رغم اعترافي أن لغة القرآن لم‬                            ‫القيامة؟‬
‫تكن بالكامل تخاطب المنطق العقلي‬         ‫قدم الدكتور نصر أبو زيد هو‬                         ‫النص‪ ،‬وبذلك يمكن الوصول إلى‬
   ‫للإنسان‪ ،‬بل هناك جانب آخر‬            ‫الآخر نظرية للتأويل تقوم على‬                        ‫مراد المؤلف وليس كما افترض‬
‫يخاطب وجدان الإنسان وعاطفته‪،‬‬             ‫مبدأ الدراسة الواعية لمنهجية‬
    ‫وهذا الجانب يعتني بتفسيره‬                                                                                   ‫جادايمر‪.‬‬
  ‫المعنيين بالتحليل الفني للقرآن‪،‬‬           ‫النص‪ ،‬كمعرفة لغة القرآن‬                         ‫هناك أي ًضا نظرية موت المؤلف‬
‫وهو جانب واسع يستحق البحث‬                 ‫وأسباب النزول وغيرها مما‬                         ‫التي تركز الاهتمام بالنص ذاته‪،‬‬
                                      ‫ذكر أئمة المسلمين وأضاف إليها‬                        ‫باعتبار أنه هو الموجود والمتبقي‬
                    ‫بنهم شديد‪.‬‬       ‫دراسة المنهجيات الحديثة ومعرفة‬                          ‫بعد موت المؤلف‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫ربما هناك الكثير من الأفكار التي‬           ‫آلياتها وتطبيقها على النص‬                      ‫المعاني الجديدة التي تتولد بمرور‬
 ‫تدور في ذهنك الآن‪ ،‬وربما أي ًضا‬     ‫لاكتشاف دلالات جديدة‪ ،‬لا لتلغي‬                        ‫الزمن هي من إنتاج النص الذي‬
                                         ‫الدلالة القديمة ولكن لتوسيع‬
  ‫أنني لا أريد أن تذهب بعي ًدا بعد‬   ‫دائرة المعني لتلائم تغيرات الواقع‬                         ‫يتجدد كل فترة‪ ،‬والمؤلف لا‬
  ‫قراءتك هذه‪ ،‬بل أريد أن أربطك‬        ‫وتغيرات الزمان والمكان‪ ،‬واعتبر‬                      ‫يملك القدرة على تعديله أو تغيره‬
‫معي في رباط واحد لعلك تعود إل َّي‬         ‫أن مراعاة مصلحة الأمة هي‬                          ‫بعد نشره‪ ،‬فقد أصبح النص له‬
  ‫بفكرة تضيء لي جانبًا مستغل ًقا‬        ‫غاية هذه النظرية‪ ،‬مع التشديد‬                       ‫سلطان خاص وفريد‪ ،‬ولكن هذه‬
   ‫داخل دهاليز عقلي الصغير‪ ،‬أو‬        ‫على انضباط التأويل المستمد من‬                        ‫النظرية ليست بالفرضية القوية‬
 ‫ربما كان الهدف من كتابتي تلك‬          ‫تحليل النص‪ ،‬وليس القفز عليه‪،‬‬                        ‫في حال دراستنا للقرآن لمعرفتنا‬
    ‫الكلمات هو أن أختصر أفكا ًرا‬        ‫أي أن د‪.‬نصر يعطي هو الآخر‬                           ‫أن القرآن من عند الله‪ ،‬وأن الله‬
                                     ‫نظرية يمكن من خلالها الوصول‬                           ‫استخدم لغة يمكن لها الوصول‬
       ‫كثيرة تراودني بين الحين‬
‫والآخر‪ ،‬وأردت تدوينها بدون أن‬                       ‫إلى معني القرآن‪.‬‬                           ‫إلى القارئ مع تطور الزمن‪.‬‬
                                            ‫في النهاية أقول إن القرآن‬
                 ‫أشعر‪ ،‬الله أعلم‬      ‫باعتباره كلام الله لا بد أن يكون‬                     ‫هل يوجد ح ًّقا نظرية‬
                                           ‫له معنى يصل للمتلقي على‬                               ‫للتأويل؟‬
                                      ‫اختلاف درجة وعي هذا المتلقي‪،‬‬
                                       ‫لكن من الصعب ج ًّدا تحديد هذا‬                      ‫أعود مرة أخري إلى السؤال الذي‬
   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140   141