Page 282 - merit 49
P. 282
العـدد 49 280
يناير ٢٠٢3
عن اللغة الموسيقية وكيف أنها لغة وقد يبدو هذا الرأي غريبًا بعد ما وأشار د.فؤاد زكريا في نهاية
للتعبير عن الفكر والوجدان في آن قاله الكاتب عن استقلال الموسيقى المقدمة إلى أنه في بحثه هذا تطبيق
واحد ،فقال إن أي منهما له وجهان: وذاتيتها ،فقد أوضح ذلك قائ ًل إن
كل هذه الصفات التي ذكرها تتعلق مفصلي لهذا الرأي على مشكلة
وجه تركيبى ووجه تحليلي ،أما بوسائل الإبداع الموسيقي لا بالقوة يحس المجتمع إحسا ًسا واض ًحا
التركيب فهو ذلك الذي يتبدى عليه الدافعة إلى هذا الإبداع ،أو الأهداف بضرورة معالجتها ،هي مشكلة
العمل الفني في صورته النهائية، التي يضعها الفنان نصب عينيه. “التعبير الموسيقى”.
وأما الوجه التحليلي فهو تحليل ذلك لأن حساسية الفنان الصادق في الجزء الأول من الكتاب ،تناول
مف َّصل للمراحل المختلفة التي يمر
بها العمل الفني حتى يصل إلى تجعله أكثر الناس تأث ًرا بأحوال الكاتب طبيعة الفن الموسيقى،
صورته النهائية .إذا كان الوجه الحياة المحيطة به ،فتأتى موسيقاه وقارن بينها وبين غيرها من الفنون
الأول هو الذي يتبادر إلى الذهن
لأول وهلة كلما ذكرت كلمة الفن، صورة معبرة عن هذه الأحوال، الأخرى ،كما تحدث عنها على مر
فلا جدال في أن الوجه التحليلي وإن كانت وسيلته إلى الإبداع الفني العصور والأزمان ،وتأثير هذا الفن
يمدنا بالأساس العلمي الذي يجب
أن يرتكز عليه كل فن ،وأول ما ذاتية ،أما استقلال الموسيقى فلا في النفس البشرية وماله من قوة
ينبغي أن تدرسه في تحليلنا العلمي يعنى على الإطلاق انعزالها عن خارقة تؤثر على الطبيعة ،وتؤثر
للفن الموسيقي (يقصد الكاتب هنا الواقع المحيط بها ،وإنما يعنى في العقائد والفكر القديم .وموقف
الموسيقى الغربية) ،هو عناصر اختلاف صورتها النهائية عن المدنية الحديثة منها بعد أن تخلصت
اللغة الموسيقية ،ذلك لأن للموسيقى صورة موضوعها ،ويعنى أن الأذهان من أثار السحر والخرافة
لغة خاصة بها ،ولهذه اللغة عناصر
لا يؤدى كل منها عمله على حده، العلاقة بينها وبين هذا الموضوع في الموسيقى ،واتخذت موق ًفا
وإنما تتضافر وتتشابك كلها سو ًّيا ليست علاقة محاكاة أو تمثيل أو مستق ًّل عن العقائد في نظرتها إلى
في إخراج المؤلفات الموسيقية ،وهذه تصوير مباشر ،وإنما هي علاقة
العناصر هي :الإيقاع Rhythm إيحاء تبعثه الموسيقى في النفس، الفنون بوجه عام .حتى أصبح
واللحن Melodyوالتوافق الصوتي فتخلق فيها شعو ًرا عا ًّما يتلاءم مع تقدير الموسيقى تقدي ًرا واعيًا ،فهي
طبيعة ذلك الموضوع ،وإن لم يكن
فن مستقل بذاته ،وفي نهاية هذا
يحاكيه بطريق مباشر. الجزء نبه المؤلف إلى أن الموسيقى
أما الجزء الثاني والذي تحدث فيه دائ ًما هي فن إنساني قبل كل شيء،
وهو يعنى أنها فن مرتبط بحياة
الإنسان الواقعية ،بصراعه خلال
هذه الحياة ،فمن المحال أن نفهم
موسيقى
أية فتره من
الفترات إلا
إذا عرفنا
كيف كان
الناس
يعيشون
فيها ،وماذا
كانت
نظرتهم إلى
الحياة وإلى
العالم وإلى
المجتمع.