Page 286 - merit 49
P. 286

‫العـدد ‪49‬‬                          ‫‪284‬‬

                                    ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬

 ‫وهكذا‪ ،‬هناك دراسات بالعربية‪،‬‬       ‫التاريخية‪ ،‬بالإضافة إلى اختلاف‬       ‫ويجب ألا نغفل تعدد فتوحاته‪،‬‬
        ‫والإنجليزية‪ ،‬والفرنسية‪،‬‬         ‫الرأي بين مؤرخ وآخر‪ ،‬بين‬         ‫خاصة في أعقاب معركة حطين‬
                                       ‫مؤيد ومعارض‪ ،‬مع اختلاف‬
‫والألمانية‪ ،‬والايطالية والروسية‪..‬‬                                          ‫الحاسمة في ‪ 4‬يوليو ‪1187‬م‪،‬‬
    ‫الخ‪ ،‬ولا نغفل ملاحظة توافر‬      ‫درجات التأييد والمعارضة‪ ،‬وهو‬          ‫حيث إن لدينا عشرات المواقع‬
        ‫مادة ثانية عنه لدى كافة‬      ‫أمر لا نجده في تاريخ غيره من‬           ‫الجغرافية‪ ،‬التي كانت مجا ًل‬
                                    ‫قادة المسلمين‪ ،‬وخاصة في عصر‬
‫الموسوعات العالمية شر ًقا وغر ًبا‪،‬‬                                           ‫للصراع الحربي بين قواته‬
   ‫على نحو يجعلنا أمام ما يمكن‬          ‫الحروب الصليبية على مدى‬         ‫والصليبيين‪ ،‬ومن قبل الزنكيين‪،‬‬
    ‫وصفه‪ ،‬دونما مبالغة‪ .‬وعلينا‬                    ‫القرنين ‪13 ،12‬م‪.‬‬
                                                                            ‫ويتطلب ذلك من الباحث في‬
 ‫الإقرار‪ ،‬أن التاريخ حول صلاح‬          ‫ثالثًا‪ :‬غزارة المؤلفات الحديثة‬  ‫تاريخ صلاح الدين تتبع سياسته‬
‫الدين لم يقل كلمته الأخيرة‪ ،‬ولن‬     ‫عنه‪ ،‬وهي بالآلاف دونما مبالغة؛‬     ‫ومعاركه وأعماله على مدى نطاق‬
‫يقولها‪ ،‬وهنا تكمن متعة دراسته‪،‬‬
                                       ‫إذ إن أية دراسة عن الحروب‬          ‫جغرافي متسع من خلال كون‬
  ‫لذلك فكل مؤلف يقدم تصوره‬             ‫الصليبية خاصة خلال القرن‬            ‫الجغرافيا توجه التاريخ‪ ،‬وما‬
 ‫الخاص عن ذلك القائد‪ ،‬وبالتالي‬        ‫‪12‬م‪ ،‬غالبًا ما يتعرض مؤلفها‬       ‫التاريخ إلا صراع على الجغرافيا‬
‫زاد ما ألف عنه بالعديد من لغات‬       ‫بالحديث عن ذلك القائد البارز‪.‬‬
                                                                              ‫دون إغفال تأثير العوامل‬
     ‫معركة تل الجزر أو مونتجسار‬                                             ‫الأخرى‪ .‬وعلينا الإقرار بأن‬
                                                                            ‫الاهتمام بال ُبعد الجغرافي في‬
                                                                            ‫تاريخه‪ ،‬لا يعني الوقوع في‬

                                                                              ‫دائرة الحتمية الجغرافية‪،‬‬
                                                                                 ‫لأن الإنسان نفسه هو‬

                                                                               ‫الصانع الأصلي ‪-‬بإرادة‬
                                                                                    ‫الله تعالى– للتاريخ‪،‬‬

                                                                                ‫والذي بمقدوره الإفادة‬
                                                                               ‫من العنصر الجغرافي أو‬

                                                                                               ‫العكس‪.‬‬
                                                                                    ‫ثانيًا‪ :‬تعدد المصادر‬
                                                                                    ‫التاريخية المعاصرة‬
                                                                                 ‫والمتأخرة التي تناولت‬
                                                                                ‫تاريخه ما بين المصادر‬
                                                                                    ‫العربية‪ ،‬واللاتينية‪،‬‬
                                                                                ‫واليونانية‪ ،‬والسريانية‪،‬‬
                                                                              ‫والقبطية‪ ،‬واليهودية‪ ،‬على‬
                                                                                ‫نحو يجعلنا أمام غزارة‬
                                                                                    ‫مصدرية ك ًّما وكي ًفا‬
                                                                                 ‫بصورة غير مسبوقة‪،‬‬
                                                                                ‫وهو أمر يجعل الباحث‬
                                                                                   ‫في تاريخه أمام تعدد‬
                                                                                  ‫وتنوع مصدري عليه‬
                                                                          ‫التعامل معه من أجل الاقتراب‬
                                                                              ‫قدر المستطاع من الحقيقة‬
   281   282   283   284   285   286   287   288   289   290   291