Page 281 - merit 49
P. 281

‫‪279‬‬         ‫ثقافات وفنون‬

            ‫شخصيات‬

‫صالح عبدون‬  ‫ريتشارد فاجنر‬                                   ‫بيتهوفن‬           ‫الصاغ صالح عبدون عام ‪ 1956‬في‬
                                                                                ‫سلسلة الألف كتاب تحت إشراف‬
  ‫تلك هي تماديهم في فكرة الحرية‬            ‫فنًّا من “أجل الفن” فحسب‪ .‬ثم‬        ‫إدارة الثقافة العامة بوزارة التربية‬
  ‫والتلقائية إلى الحد الذي ينتج فيه‬      ‫أوضح أن القضية التي يدافع عنها‬        ‫والتعليم‪ .‬والكتاب بعنوان “الثقافة‬
 ‫الفنان كما يشاء‪ ،‬حتى لو كان هذا‬                                               ‫الموسيقية”‪ ،‬إنه ليس كتا ًبا بالمعنى‬
‫الإنتاج هاد ًما لمقومات الإنسانية أو‬       ‫أي ًضا أنصار فكرة الفن للفن هي‬       ‫المعروف‪ ،‬ولكنه موسوعة عبقرية‬
  ‫الجماعة التي يعيش فيها‪ ،‬وحتى‬             ‫قضية تلقائية الفنان‪ :‬وهو يعنى‬
  ‫لو كانت أعماله تبعث في المجتمع‬           ‫أن الفنان ينبغي ألا يعرض عليه‬      ‫شاملة‪ ،‬تصحبك بين دفتيها في عالم‬
‫روح الانحلال والتخاذل أو تتجاهل‬         ‫هدف من الخارج‪ ،‬بل يجب أن ُيترك‬          ‫جميل رائع من خلال موضوعات‬
                                         ‫ليعبر ع َّما يحس به‪ ،‬كما أوضح أن‬        ‫متنوعة في فلسفة الفنون وأثرها‬
               ‫مشاكله الحقيقية‪.‬‬           ‫الخطأ الذي يقع فيه الآخرون من‬             ‫في الثقافة والجمال الموسيقى‬
       ‫ثم أوضح أن في موقف كلا‬            ‫أنصار فكرة الفن الهادف هو أنهم‬        ‫وإمكانيات ومميزات الموسيقى‪ ،‬ثم‬
     ‫الطرفيين نقطة ضعف ينبغي‬               ‫يصورون دعوتهم كأنها تفرض‬            ‫تصحبك بعناية إلى بداية الاستماع‬
       ‫التخلص منها‪ ،‬وهذه ينبغي‬              ‫على الفنان أهدا ًفا معينه‪ ،‬يتحتم‬
    ‫الاحتفاظ بها‪ ،‬فالوضع السليم‬          ‫عليه أن يجعل من فنه أداة للتعبير‬     ‫الجدي للموسيقى بصوره المتعددة‪.‬‬
    ‫للفن أن يكون تلقائيًّا ح ًّرا‪ ،‬وأن‬   ‫عنها‪ ،‬وهذا الخطأ هو الذي يستغله‬            ‫أما الكتاب الثاني فهو للكاتب‬
   ‫يكون في الوقت نفسه عام ًل من‬          ‫خصومهم ويستمدون منه قوتهم‪،‬‬                ‫الأديب يحيى حقي‪ ،‬طالعنا به‬
    ‫عوامل النهوض بالمجتمع‪ ،‬إذن‬
     ‫فتلقائية الفن لا تتعارض على‬             ‫فلا جدال في أن حرية الإبداع‬          ‫عام ‪ ،1969‬بعنوان “تعا َل معي‬
 ‫الإطلاق مع كونه هاد ًفا‪ ،‬ولو حلل‬          ‫وتلقائيته شرطان أساسيان لكل‬            ‫إلى الكونسير”‪ ،‬إنه تحفه رائعة‬
 ‫كل من الفريقين موقف الآخر على‬             ‫إنتاج فني سليم‪ ،‬فإذا ضاعا بدا‬         ‫صغيرة لا تتعدى الستين ورقة‪،‬‬
‫حقيقته لوجد أنه لا تعارض بينهما‪،‬‬           ‫العمل الفني متكل ًفا‪ ،‬لا روح فيه‪.‬‬   ‫تمهيد عبقري مبسط وساحر يدفع‬
 ‫وذلك إذا استبعدنا من الموقفين ما‬          ‫وفي الدعوة القائلة إن الفن لأجل‬     ‫بقارئه الذي لا علاقة له بموسيقى‬
     ‫يشوبهما من تفسيرات باطلة‪.‬‬              ‫الفن نقطة ضعف أساسية تكاد‬         ‫الكونسير (الموسيقى الأوروبية) إلى‬
                                        ‫تقضى على مذهب أصحابها بأسره‪،‬‬          ‫اقتحام هذا العالم الغريب والعجيب‪،‬‬

                                                                                     ‫وسرعان ما يقع في شباكه‪.‬‬
                                                                                ‫أما الكتابان الآخران اللذان ظهرا‬
                                                                               ‫في سنوات ما بعد قيام ثورة يوليو‬
                                                                                 ‫فهما للكاتب والمفكر والفيلسوف‬

                                                                                   ‫فؤاد زكريا‪ .‬الأول صادر عام‬
                                                                               ‫‪ 1956‬بعنوان “التعبير الموسيقى”‬
                                                                              ‫في سلسلة “الثقافة السيكولوجية”‪،‬‬

                                                                                  ‫والثاني عام ‪ 1971‬بعنوان “مع‬
                                                                               ‫الموسيقى‪ -‬ذكريات ودراسات” في‬

                                                                                      ‫سلسلة “المكتبة الثقافية”‪.‬‬
                                                                                       ‫في كتابه بعنوان “التعبير‬
                                                                               ‫الموسيقي” تحدث فيلسوفنا الكبير‬
                                                                               ‫في مقدمته عن المعركة الأدبية التي‬
                                                                              ‫كانت دائرة في أواسط الخمسينيات‬
                                                                                   ‫من القرن الماضي حول قضية‬
                                                                                 ‫طبيعة الفن وغايته‪ ،‬وهل ينبغي‬
                                                                                 ‫أن يكون فنًّا هاد ًفا‪ ،‬أو أن يكون‬
   276   277   278   279   280   281   282   283   284   285   286