Page 283 - merit 49
P. 283

‫‪281‬‬

         ‫فؤاد زكريا‬                         ‫يحيى حقي‬                          ‫‪ Harmony‬والصورة أو القالب‬
                                                                                                   ‫‪.Form‬‬
     ‫بمعنى أنهم يبحثون عن معا ٍن‬        ‫المؤلف الحديث عن “المعنى في‬
     ‫أدبية‪ ،‬أو صور حسية‪ ،‬في كل‬            ‫الموسيقى”‪ ،‬فقال إن كثيرين‬         ‫وتحدث بعد ذلك عن كيفية تداول‬
 ‫لحن يستمعون إليه‪ .‬ويقول بعض‬              ‫يعتقدون أن مهمة الموسيقى‬           ‫هذه اللغة بين المؤلف والمستمع‪،‬‬
 ‫المفكرين النظريين أن هذه الظاهرة‬    ‫ترفيهية فحسب‪ ،‬وأوضح أن هذا‬
   ‫تق ِّسم الموسيقى إلى نوعين‪ :‬نوع‬     ‫الخطأ في فهم وظيفتها لا يرجع‬            ‫حيث يتوسطهما القائم بالأداء‬
                                        ‫إلا إلى التعود على أنماط معينة‬     ‫(عز ًفا أو غنا ًء)‪ ،‬وتحدث عن دوره‬
      ‫خالص أو مجرد‪ ،‬ونوع ذي‬           ‫من الموسيقى‪ ،‬هي التي تبعث في‬
      ‫موضوع أو برنامج‪ ،‬فالنوع‬          ‫الإنسان اعتقا ًدا بأن مهمتها أن‬       ‫في الوساطة التي يجب أن يقوم‬
   ‫الأول لا يثير في الأذهان صو ًرا‬     ‫تطربنا وترفه عنا فحسب‪ .‬ولو‬         ‫فيها بنقل معاني المؤلف وإحساسه‪،‬‬
     ‫على الإطلاق‪ ،‬وإنما هو نماذج‬        ‫اتسعت تجربة المرء الموسيقية‬
    ‫صوتيه جميلة ينبغي أن ُتسمع‬        ‫واستوعبت الأنماط الرفيعة منها‬         ‫كما سطرها في مدوناته بكل دقة‬
  ‫لذاتها فحسب‪ ،‬ومن أمثلته أعمال‬     ‫لأدرك أن للموسيقى معنى بالفعل‪،‬‬            ‫وأمانة‪ ،‬على أن يبدو العمل وقد‬
‫بيتهوفن‪ .‬الرباعيات الوترية ‪String‬‬   ‫لا تكتفي فيه بأن تهز أعصاب المرء‬          ‫اكتسب رو ًحا جديدة هي روح‬
                                    ‫أو تثير الانفعال فيه‪ ،‬وإنما تضيف‬         ‫وشخصية المؤدي له‪ ،‬دون أدنى‬
                     ‫‪.quartets‬‬         ‫إلى ذلك إيقاظ العقل‪ ،‬عن طريق‬       ‫إخلال بالأصل‪ ،‬وتلك في الحق صفة‬
‫أما النوع الثاني فيقصد به تصوير‬       ‫الحواس‪ ،‬وتنبيه الملكات الواعية‪.‬‬
‫موضوع معين أثناء الاستماع‪ ،‬مما‬       ‫والحق أن هذه هي المهمة السامية‬                          ‫الأداء البارع‪.‬‬
                                                                                 ‫ثم تحدث عن دور المستمع‪،‬‬
   ‫يزيد فهم الموسيقى‪ ،‬ومن أمثلته‬                             ‫للفن‪.‬‬             ‫وأوضح أن الاستماع فن قائم‬
   ‫لدى بيتهوفن أي ًضا السيمفونية‬        ‫ولقد اعتاد كثير من الناس أن‬       ‫بذاته يقتضي تدريبًا طوي ًل قبل أن‬
    ‫السادسة (المسماه السيمفونية‬        ‫يفهموا الموسيقى فه ًما شاعر ًّيا‪.‬‬     ‫يصل الإنسان إلى ممارسته على‬
                                                                          ‫النحو الصحيح‪ ،‬فهو يقتضي تدخل‬
                       ‫الريفية)‪.‬‬                                           ‫الذهن الواعي إلى جانب الإحساس‬
      ‫فالموسيقى ذات الموضوع أو‬                                                ‫الانفعالي‪ ،‬أي أنه عمل يترك في‬
                                                                            ‫العقل مع الحساسية (الإحساس)‬
                                                                           ‫ويقتضي بجانب التذوق الوجداني‬

                                                                                   ‫تفكي ًرا وتحلي ًل ومقارنة‪.‬‬
                                                                              ‫أما الجزء الثالث فقد تناول فيه‬
   278   279   280   281   282   283   284   285   286   287   288