Page 288 - merit 49
P. 288
العـدد 49 286
يناير ٢٠٢3
الحربي ،والحداد الذي صنع واإغفال أثر المجموع البشري وأورد نقلا عنه ابن أبي أصيبعة
له سيفه الدمشقي الشهير ،إذ المعاصر له ،والواقع أن هناك (ت126 .م) في كتابه عيون
إن المهمشين لهم دورهم الذي العديد من الباحثين ممن أبرز
لا ينكر في تكوين تاريخ ذلك تاريخه من خلال فكرة البطل الأنباء في طبقات الأطباء .وفي
القائد البارز من عصر الحروب الأوحد المخلص المنقذ الذي حرر مقدورنا القول إن المؤرخين الذين
بيت المقدس ،ودخلها فات ًحا في
الصليبية. 2أكتوبر 1187م ،ولذلك ظهرت عاصروه ،خاصة أولئك الذين
سابعا :المسؤولية التاريخية دراسات في العالم العربي -على تعاملوا معه مباشرة لفترات
بين الواقع التاريخي والتبرير نحو خاص -ذات طابع عاطفي زمنية طويلة ،تأثروا بصورة أو
بصفة عامة ،نجد أن عد ًدا من بأخرى بتلك الكاريزما على نحو
المؤرخين الذين تعاطفوا مع انفعالي تحمل عبارة قاهر امتد إلى عصرنا الحالي! ومن
تاريخ صلاح الدين الأيوبي ،لا العدوان الصليبي المنقذ المنتظر، خلال تجربة علمية شخصية
يذكرون له أية أخطاء ويقومون إلى غير ذلك من التعبيرات المعبرة امتدت لعدة أعوام ،أقرر وجود
بتبريرها بصورة لا شعورية من عن النوستالجيا أو الحنين إلى تلك الكاريزما الآسرة لمن يحاول
خلال حماسهم العاطفي تجاهه، التعمق في دراسته من جوانب
وفي تصوري أن هذا الأمر الماضي خاصة عندما يتكالب متعددة سياسيًّا ،وعسكر ًّيا
ليس بالطريق الأمثل للتعامل الأعداء على الأمة العربية ويصبح وحضار ًّيا لعدة أعوام من خلال
مع تاريخه ،إذ هناك مسؤولية استمرارية التعايش مع البطل
تاريخية تقع على عاتقه نلاحظها الماضي ملهما لهم بصورة أو
في عدة مواقف تتمثل في الآتي: بأخرى .واقع الأمر ،جاء ذلك التاريخي المشار إليه.
-1يتحمل السلطان المذكور القائد معب ًرا عن عصر بأكمله وخطورة الوقوع في كاريزما
مسؤولية هزيمة جيشه في بكافة أبعاده الروحية والفكرية صلاح الدين الأيوبي ،على الرغم
معركة تل الجزر أو مونتجسار والسياسية ،وعلينا هنا الإقرار من مرور عدة قرون على وفاته
Montgisarعام 1977م ،في بالتأثير المتبادل بين البطل القائد، في 4مارس 1193م ،تكمن في
مواجهة الصليبيين ،ومن أسبابها والبطل الأصلي الذي انجبه وهو الانحياز اللاشعوري له ،وتبرير
ضعف الاستطلاع لديه ،وعدم العصر التاريخي ومجتمعه. كافة سياساته ،دون ادراك أنه
وفي تصوري ،أن أصغر جندي في النهاية بشر ،قد يصيب وقد
في جيشه شارك في صنع مجده يخطئ ،لأننا في الأساس لا نكتب
تاري ًخا لقديسين أو من نحيطهم
بهالة من
القداسة من
صنعنا نحن،
لأن ذلك من
شأنه إبعادنا
عن روح
الموضوعية
التاريخية
الملزمة.
ساد ًسا:
تمحور
تاريخه حول
القائد الفرد