Page 292 - merit 49
P. 292

‫العـدد ‪49‬‬                      ‫‪290‬‬

                                       ‫يناير ‪٢٠٢3‬‬

‫سنوات طويلة‪ ،‬فأجبر وقتها عين‬             ‫التي انصهرت فيها كل تلك‬       ‫العين جي ًدا‪ ،‬عرف الفنان خضير‬
 ‫المشاهد بذكاء على تمييز توقيعه‪،‬‬    ‫المعرفة والدراية‪ ،‬التصق خضير‬         ‫البورسعيدي ‪-‬من خلال عمله‬
                                                                           ‫بالتلفزيون‪ -‬أن هناك الكتابة‬
   ‫ومعرفته معرفة تامة‪ ،‬حتى أنه‬        ‫البورسعيدي بمجموعة كبيرة‬           ‫الكلاسيكية والكتابة الإعلانية‪،‬‬
 ‫أصبح «علامة مسجلة» ومميزة‪.‬‬               ‫من أهل الخبرة‪ ،‬وقد جمع‬            ‫والكلاسيكية هي ما تخضع‬
                                                                           ‫للقواعد والثوابت الملزمة ولا‬
    ‫ومن التلفزيون المصري الذي‬       ‫الكتاب الشواهد الفنية التي تؤكد‬
‫كان يمتلك الصدارة عربيًّا وقتها‪،‬‬       ‫على درايته وتواصله مع أهل‬       ‫يجوز الخروج عنها‪ ،‬وأما الكتابة‬
                                                                         ‫الإعلانية فهي ما توافق الشكل‬
     ‫أصبحت عين المتلقي العربي‬        ‫الخبرة‪ ..‬وعلى الرغم من قسوة‬
  ‫تفرق بينه وبين مجموعة كبيرة‬            ‫تلك الأيام وظروف الحرب‬       ‫الجمالي وتوافق الصور الإخراجية‬
                                                                          ‫وفق فكر الخطاط‪ ،‬ثم أضاف‬
    ‫من خطاطي الصحف والكتب‬            ‫الطاحنة‪ ،‬التي عاش فيها الفنان‬
  ‫والتلفزيون المصري خلال فترة‬          ‫خضير البورسعيدي طفولته‬            ‫ُبع ًدا جدي ًدا لطريقته بأن وضع‬
  ‫الثمانييات والتسعينيات‪ .‬فدخل‬            ‫وصباه؛ وظروف الانتقال‬           ‫لها قاعدة وميزان يسير عليها‬
  ‫فن خضير البورسعيدي مرحلة‬              ‫من مدينة «بورسعيد» بلدته‬        ‫الخطاطون‪ ،‬وهو ما عرف بلفظه‬
  ‫جديدة‪ ،‬تمرد فيها فنيًّا وأراد أن‬    ‫الأم والانتقال لمدينة طنطا‪ ،‬ثم‬   ‫بالإنجليزية «‪ ”Modern‬وأصبح‬
   ‫يصوغ بع ًدا جدي ًدا ُيحسب له‪،‬‬                                          ‫اسمه “الخط المودرن”‪ ،‬وكتب‬
                                     ‫الترحال مرة ثانية إلى القاهرة‪،‬‬       ‫به الكثير من عناوين البرامج‬
    ‫حيث أدخل حركات الحروف‬           ‫كان يعلم أن عليه دو ًرا يجب أن‬
‫المختلفة من الأنواع المتنوعة للخط‬   ‫يتمه‪ .‬لذلك أصبح الفنان خضير‬                  ‫والمسلسلات الدرامية‪.‬‬
‫العربي في بعضها البعض‪ ،‬فجاءت‬                                              ‫رصد الكتاب ابتكارات الفنان‬
 ‫متناغمة وحالمة‪ ،‬واستغل طاقات‬           ‫البورسعيدي أول المجودين‪،‬‬      ‫خضير البورسعيدي المميزة‪ ،‬مثل‬
                                      ‫باتجاه الجديد والحداثي الذي‬       ‫الخط الذي سماه‪« :‬نسخ شريط‬
     ‫الحرف ومنحه حرية التمدد‬         ‫ظهر جليًّا في خطوط «مقدمات»‬        ‫خضير»‪ ،‬وهو خط من الخطوط‬
‫والاستطالات‪ ،‬ومحتف ًظا في الوقت‬       ‫البرامج و»تترات» المسلسلات‬
 ‫ذاته بأبعاده وقياساته التقليدية‪،‬‬    ‫التلفزيونية‪ ،‬تلك الساحة المميزة‬         ‫تساعد في أعمال الصحافة‬
                                    ‫التي كانت المعرض الدائم لفنون‬        ‫والطباعة باستخدام الكمبيوتر‪،‬‬
  ‫وعن تجربته قال الفنان خضير‬          ‫خضير البورسعيدي على مدى‬             ‫فأدخل فيه حرو ًفا ذات أنماط‬
   ‫إنه فن «يعرضه ولا يفرضه»‪،‬‬
                                                                           ‫محددة ساعدت على اختصار‬
‫خضير في معرضه مع السيدة جيهان السادات‬                                  ‫أشكال الحروف‪ ،‬وهي خالية من‬
                                                                       ‫الجماليات المعتادة للحرف‪ ،‬وهي‬

                                                                         ‫ما أصطلح عليه باسم «الكتابة‬
                                                                        ‫الصحفية الإعلانية»‪ ،‬وقد حاول‬
                                                                         ‫الفنان خضير البورسعيدي أن‬
                                                                         ‫يأخذ خطه من الكتابة النسخية‬

                                                                           ‫شكلها ويدعمها الخط الكوفي‬
                                                                          ‫بالأصالة في التكوين‪ ،‬كما قام‬
                                                                        ‫بكتابة القرآن الكريم ‪-‬المصحف‬
                                                                        ‫المرتل المصاحب لقراءات مشايخ‬

                                                                              ‫القرآن الكريم‪ -‬لكثير من‬
                                                                                  ‫التلفزيونات العربية‪.‬‬

                                                                         ‫والأستاذ خضير البورسعيدي‬
                                                                            ‫يمثل الوعاء والذاكرة الفنية‬
   287   288   289   290   291   292   293   294   295   296   297